للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ كَانَا كَافِرَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ، نُقِضَ، وَيُرْجَعُ بِالْمَالِ أَوْ بِبَدَلِهِ عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ. وَإِنْ كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ إِتْلَافًا فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُزَكِّينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ تَزْكِيَةٍ فَعَلَى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ: يَجُوزُ فِي أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ أَنْ تُسْمَعَ يَمِينُ الْمُدَّعِي قَبْلَ الشَّاهِدِ. (وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَغْرَمَ النِّصْفَ) لِأَنَّهُ أَحَدُ حُجَّتَيِ الدَّعْوَى كَالشَّاهِدَيْنِ.

فَرْعٌ: رُجُوعُ شُهُودِ تَزْكِيَةٍ كَرُجُوعِ مَنْ زَكُّوهُمْ. وَمَنْ شَهِدَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِمُنَافٍ لِلْأُولَةِ فَكَرُجُوعِهِ وَأَوْلَى. قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ

[بَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ كَانَا كَافِرَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ]

(إِذَا بَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ كَانَا كَافِرَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ نُقِضَ) أَيْ: إِذَا بَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ كُفْرُ الشُّهُودِ نُقِضَ بِغَيْرِ خِلَافٍ ; لِأَنَّ شَرْطَ الْحُكْمِ كَوْنُ الشَّاهِدِ مُسْلِمًا، وَلَمْ يُوجَدْ.

وَكَذَا إِذَا بَانَ فِسْقُهُمْ عَلَى الْمَذْهَبِ. (وَيُرْجَعُ بِالْمَالِ أَوْ بِبَدَلِهِ عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ) قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ نُقِضَ فَيَجِبُ أَنْ يَرْجِعَ الْحَقُّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ مَوْجُودًا أُلْزِمَ بِرَدِّهِ بِعَيْنِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (وَإِنْ كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ إِتْلَافًا) كَقَتْلٍ أَوْ كَانَ الْحُكْمُ لِلَّهِ بِإِتْلَافٍ حِسِّيٍّ، أَوْ بِمَا سَرَى إِلَيْهِ (فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُزَكِّينَ) ؛ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ قَدْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ، وَشُهُودُ التَّزْكِيَةِ أَلْجَؤُوا الْحَاكِمَ إِلَى الْفِعْلِ، فَلَزِمَهُمُ الضَّمَانُ، كَمَا لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ بِحَقٍّ ثُمَّ حَكَمَ حَاكِمٌ بِهَا، ثُمَّ رَجَعَا؛ وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ، وَالشُّهُودُ لَمْ يَعْتَرِفُوا بِبُطْلَانِ شَهَادَتِهِمْ، وَإِنَّمَا التَّفْرِيطُ مِنَ الْمُزَكِّينَ.

قَالَ الْقَاضِي: الضَّمَانُ عَلَى الْحَاكِمِ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ السَّامَرِّيُّ ; لِأَنَّهُ فَرَّطَ فِي الْحُكْمِ بِمَنْ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِ.

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: الضَّمَانُ عَلَى الشُّهُودِ ; لِأَنَّهُمْ فَوَّتُوا الْحَقَّ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ بِشَهَادَتِهِمُ الْبَاطِلَةِ، كَمَا لَوْ رَجَعُوا. (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ تَزْكِيَةٌ فَعَلَى الْحَاكِمِ) لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِفِعْلِهِ أَوْ بِأَمْرِهِ فَلَزِمَهُ الضَّمَانُ لِتَفْرِيطِهِ. وَكَذَا إِنْ كَانَ مُزَكُّونَ فَمَاتُوا. ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ وَلَا قَوَدَ ; لِأَنَّهُ مُخْطِئٌ، وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَعَنْهُ: عَلَى عَاقِلَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>