للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَثِيَابُ الْكُفَّارِ وَأَوَانِيهِمْ طَاهِرَةٌ مُبَاحَةُ الِاسْتِعْمَالِ مَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهَا.

وَعَنْهُ: مَا وَلِيَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ إِنَاءٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.

فَمُقْتَضَى هَذَا تَحْرِيمُ الْمُضَبَّبِ مُطْلَقًا، تُرِكَ الْعَمَلُ بِهِ فِيمَا ضَبَّتُهُ يَسِيرَةٌ، لِلنَّصِّ السَّابِقِ. فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَاهُ، وَالْحَاجَةُ غَيْرُ مُشْتَرَطَةٍ فِي الْيَسِيرَةِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي "، و" الشَّرْحِ "، وَحَكَيَاهُ عَنِ الْقَاضِي، لِأَنَّهُ لَا سَرَفَ فِيهِ، وَلَا خُيَلَاءَ، أَشْبَهَ الصُّفْرَ، إِلَّا أَنَّهُ كَرِهَ الْحَلْقَةَ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا تُبَاحُ إِلَّا لِحَاجَةٍ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَفِي " الْوَجِيزِ "، لِأَنَّ الرُّخْصَةَ وَرَدَتْ فِي الْحَاجَةِ، فَيَجِبُ قَصْرُ الْحُكْمِ عَلَيْهَا، فَعَلَى هَذَا تُبَاحُ وِفَاقًا، وَقِيلَ: تُكْرَهُ (إِذَا لَمْ يُبَاشِرْهَا بِالِاسْتِعْمَالِ) لِئَلَّا يَكُونَ مُبَاشِرًا لِلْفِضَّةِ الَّتِي جَاءَ الْوَعِيدُ فِي اسْتِعْمَالِهَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ إِذَا بَاشَرَهَا بِالِاسْتِعْمَالِ، قَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُبَاحُ مُبَاشَرَتُهَا مَعَ الْحَاجَةِ وَبِدُونِهَا، فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَقِيلَ: يُبَاحُ، وَالْكَثِيرُ مَا كَثُرَ فِي الْعُرْفِ، وَقِيلَ: مَا لَاحَ عَلَى بُعْدٍ، وَقِيلَ: مَا اسْتُوعِبَ أَحَدُ جَوَانِبِهِ، وَالْحَاجَةُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ غَرَضٌ غَيْرُ الزِّينَةِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ بَعْضِهِمْ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مُرَادُهُمْ أَنْ يُحْتَاجَ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ، لَا إِلَى كَوْنِهَا مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، فَإِنَّ هَذِهِ ضَرُورَةٌ، وَهِيَ تُبِيحُ الْمُنْفَرِدَ.

فَرْعٌ: الْمَطْلِيُّ، وَالْمُطَعَّمُ، وَنَحْوُهُمَا كَمُمَوَّهٍ، وَمُكَفَّتٍ، بِأَحَدِهِمَا كَالْمُصْمَتِ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: لَوْ حُكَّ وَاجْتَمَعَ مِنْهُ شَيْءٌ، حَرُمَ، وَإِلَّا فَلَا.

[ثِيَابُ الْكُفَّارِ وَأَوَانِيهِمْ طَاهِرَةٌ مَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهَا]

(وَثِيَابُ الْكُفَّارِ وَأَوَانِيهِمْ طَاهِرَةٌ مُبَاحَةُ الِاسْتِعْمَالِ مَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهَا) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْكُفَّارَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَهْلُ كِتَابٍ وَغَيْرُهُمْ، فَالْأَوَّلُ: يُبَاحُ أَكْلُ طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ، وَاسْتِعْمَالُ أَوَانِيهِمْ بِشَرْطِهِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] ، وَتَوَضَّأَ عُمَرُ مِنْ جَرَّةِ نَصْرَانِيَّةٍ، وَرَوَى أَحْمَدُ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَضَافَهُ يَهُودِيٌّ بِخُبْزِ شَعِيرٍ، وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ» ، وَفِي كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِ أَوَانِيهِمْ رِوَايَتَانِ، وَأَمَّا ثِيَابُهُمْ فَمَا عَلَا مِنْهُ كَالْعِمَامَةِ، وَنَحْوِهَا، فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَمَا وَلِيَ عَوْرَاتِهِمْ كَالسَّرَاوِيلِ، قَالَ أَحْمَدُ: أُحِبُّ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ فِيهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يُعِيدُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ، فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي ظَاهِرِ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَقَالَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ، وَالْآمِدِيُّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>