للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ أَرْكَانُ الصَّلَاةِ اثْنَا عَشَرَ: الْقِيَامُ، وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ، وَالرُّكُوعُ، وَالِاعْتِدَالُ عَنْهُ، وَالسُّجُودُ، وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَالطُّمَأْنِينَةُ فِي هَذِهِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[أَرْكَانُ الصَّلَاةِ]

فَصْلٌ (أَرْكَانُ الصَّلَاةِ) : جَمْعُ رُكْنٍ، وَهُوَ جَانِبُ الشَّيْءِ الْأَقْوَى، وَهُوَ مَا كَانَ فِيهَا، وَلَا يَسْقُطُ عَمْدًا، وَلَا سَهْوًا، وَسَمَّاهَا بَعْضُهُمْ فُرُوضًا، وَهُوَ لَفْظِيٌّ (اثْنَا عَشَرَ) كَذَا فِي " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ، وَجَعَلَهَا فِي " الْبُلْغَةِ " عَشْرَةً، وَعَدَّ مِنْهَا النِّيَّةَ، لِأَنَّ الْمَشْرُوعَ فِيهَا قِسْمَانِ: وَاجِبٌ، وَمَسْنُونٌ، وَالْأَوَّلُ: قِسْمَانِ: مَا لَا يَسْقُطُ مُطْلَقًا، وَهِيَ الْأَرْكَانُ (الْقِيَامُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] وَلِحَدِيثِ عِمْرَانَ: «صَلِّ قَائِمًا» وَمَحَلُّهُ فِي الْفَرْضِ لِقَادِرٍ، وَهُوَ قَدْرُ التَّحْرِيمَةِ، لِأَنَّ الْمَسْبُوقَ يُدْرِكُ بِهِ فَرْضَ الْقِيَامِ، ذَكَرَهُ فِي " الْخِلَافِ " وَغَيْرِهِ، ولَا يضره مَيل رَأْسه قَالَ أَبُو الْمَعَالِي، وَغَيْرُهُ، وَحْدَهُ مَا لَمْ يُصِرَّ رَاكِعًا، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْعُرْيَانُ، وَالْخَائِفُ، وَلِمُدَاوَاةٍ، وَقِصَرِ سَقْفٍ لِعَاجِزٍ عَنِ الْخُرُوجِ، وَمَأْمُومٍ خَلْفَ إِمَامِ الْحَيِّ الْعَاجِزِ عَنْهُ بِشَرْطِهِ، فَإِنْ قَامَ عَلَى رِجْلٍ لَمْ يُجْزِئْهُ، ذَكَرَهُ فِي الْمَذْهَبِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ، وَنَقَلَ خطاب بْنُ بِشْرٍ: لَا أَدْرِي (وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ) لِحَدِيثِ عَلِيٍّ «تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ» (وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ) أَيْ: فِي حَقِّ الْإِمَامِ، وَالْمُنْفَرِدِ، وَيَتَحَمَّلُهَا إِمَامٌ عَنْ مَأْمُومٍ، وَكَذَا بَدَلُهَا (وَالرُّكُوعُ) إِجْمَاعًا، وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا} [الحج: ٧٧] ، وَحَدِيثُ الْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَدَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِي، فَقَالَ: إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ، وَلِمُسْلِمٍ، وَعَزَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ إِلَى الْبُخَارِيِّ: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، فَكَبِّرْ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُسَمَّاةَ فِي الْحَدِيثِ لَا يَسْقُطُ بِحَالٍ، فَإِنَّهَا لَوْ سَقَطَتْ لَسَقَطَتْ عَنِ الْأَعْرَابِيِّ لِجَهْلِهِ بِهَا (وَالِاعْتِدَالُ عَنْهُ) لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - دَاوَمَ عَلَى فِعْلِهِ، وَقَالَ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» فَلَوْ طَوَّلَهُ لَمْ تَبْطُلْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>