للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّكَاةُ، أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ اقْتَسَمُوا بِالْحِصَصِ.

بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ

وَلَا تَجِبُ إِلَّا فِي السَّائِمَةِ مِنْهَا، وَهِيَ الَّتِي تَرْعَى فِي أَكْثَرِ الْحَوْلِ. وَهِيَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الزَّكَاةُ أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» ، وَلِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ، فَلَمْ يَسْقُطْ بِالْمَوْتِ كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ لَمْ يُوصَ بِهَا كَالْعُشْرِ، وَنَقَلَ إِسْحَاقُ بْنُ هَانِئٍ فِي حَجٍّ لَمْ يُوصَ بِهِ، وَزَكَاةٍ، وَكَفَّارَةٍ مِنَ الثُّلُثِ، وَنُقِلَ عَنْهُ - أَيْضًا - مِنْ رَأْسِ الْمَالِ سِوَى النَّصِّ السَّابِقِ (فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ) وَلَمْ يَفِ بِالْكُلِّ (اقْتَسَمُوا بِالْحِصَصِ) نَصَّ عَلَيْهِ، كَدُيُونِ الْآدَمِيِّينَ إِذَا ضَاقَ عَنْهَا الْمَالُ، وَعَنْهُ: يَبْدَأُ بِالدَّيْنِ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ قَوْلًا لِتَقْدِيمِهِ بِالرَّهِينَةِ؛ وَلِأَنَّ حَقَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الشُّحِّ، بِخِلَافِ حَقِّ اللَّهِ، وَأَجَابَ ابْنُ الْمُنَجَّا بِأَنَّهَا حَقٌّ آدَمِيٌّ، أَوْ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى حَقِّهِ، وَقِيلَ: يُقَدِّمُ الزَّكَاةَ إِنْ عَلِقَتْ بِالْعَيْنِ، اخْتَارَهُ فِي الْمُجَرَّدِ وَ " الْمُسْتَوْعِبِ " قَالَ صَاحِبُ " الْمُحَرَّرِ ": لِبَقَاءِ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ، فَجَعَلَهُ أَصْلًا، وَلَوْ عُلِّقَتْ بِالذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَهَا بِالْعَيْنِ قَهْرِيٌّ، فَيُقَدَّمُ عَلَى مُرْتَهِنٍ، وَغَرِيمٍ مُفْلِسٍ، كَأَرْشِ جِنَايَةٍ، وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ، فَهَذَا التَّعَلُّقُ بِسَبَبِ الْمَالِ، فَيَزْدَادُ وَيَنْقُصُ، وَيَخْتَلِفُ بِحَسَبِهِ، وَعَنْهُ: تُقَدَّمُ الزَّكَاةُ عَلَى الْحَجِّ؛ لِأَنَّ قَدْرَ الْوَاجِبِ مِنْهَا مُسْتَقِرٌّ، وَيُقَدَّمُ النَّذْرَ بِمُعَيَّنٍ عَلَيْهَا، وَعَلَى الدَّيْنِ.

[بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ]

[زَكَاةُ الْإِبِلِ]

بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ

بَدَأَ بِهِ اقتداء بِكِتَابِ الصِّدِّيقِ الَّذِي كَتَبَهُ لِأَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِطُولِهِ مُفَرَّقًا. سُمِّيَتْ بَهِيمَةً؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَكَلَّمُ، وَالْأَنْعَامُ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ.

وَقَالَ عِيَاضٌ: النَّعَمُ: هِيَ الْإِبِلُ خَاصَّةً، فَإِذَا قِيلَ: الْأَنْعَامُ، دَخَلَ فِيهِ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ (وَلَا تَجِبُ إِلَّا فِي السَّائِمَةِ مِنْهَا) السَّائِمَةُ: الرَّاعِيَةُ، وَقَدْ سَامَتْ تَسُومُ سَوْمًا إِذَا رَعَتْ، وَأَسَمْتُهَا: إِذَا رَعَيْتُهَا؛ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {فِيهِ تُسِيمُونَ} [النحل: ١٠] ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>