للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِحَصَادِهِ، وَلَا فِيمَا يَجْتَنِيهِ مِنَ الْمُبَاحِ، كَالْبُطْمِ وَالزَّعْبَلِ وَبِزْرِ قَطُونَا وَنَحْوِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي: فِيهِ الزَّكَاةُ إِذَا ثَبَتَ فِي أَرْضِهِ.

فَصْلٌ وَيَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا سُقِيَ بِغَيْرِ كُلْفَةٍ، كَالْغَيْثِ وَالسُّيُوحِ، وَمَا يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ، وَنِصْفُ الْعُشْرِ فِيمَا سُقِيَ بِكُلْفَةٍ كَالدَّوَالِي وَالنَّوَاضِحِ، فَإِنْ سَقَى نِصْفَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

إِرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ الْعَسَلِ لِلْأَثَرِ (وَلَا فِيمَا يَجْتَنِيهِ مِنَ الْمُبَاحِ كَالْبُطْمِ، وَالزَّعْبَلِ) بِوَزْنِ جَعْفَرٍ؛ وَهُوَ شَعِيرُ الْجَبَلِ (وَبِزْرِ قَطُونَا وَنَحْوِهِ) كَحَبِّ النَّمَّامِ، وَبِزْرِ الْبَقْلَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ لَمْ يَمْلِكْهُ، فَلَمْ تَجِبْ، كَمَا لَوِ اتَّهَبَهُ (وَقَالَ الْقَاضِي:) وَأَبُو الْخَطَّابِ (فِيهِ الزَّكَاةُ) لِكَوْنِهِ مَكِيلًا مُدَّخَرًا (إِذَا ثَبَتَ فِي أَرْضِهِ) وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُبَاحَ إِذَا ثَبَتَ فِي أَرْضِهِ هَلْ يَمْلِكُ بملك الْأَرْضَ أَوْ يَأْخُذُهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِمِلْكِهَا، بَلْ يَأْخُذُهُ، فَإِنْ ثَبَتَ بِنَفْسِهِ مَا يَزْرَعُهُ الْآدَمِيُّ كَمَنْ سَقَطَ لَهُ حَبُّ حِنْطَةٍ فِي أَرْضِهِ، أَوْ أَرْضٍ مُبَاحَةٍ، فَفِيهِ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ.

[وُجُوبُ الْعُشْرِ فِيمَا سُقِيَ بِغَيْرِ كُلْفَةٍ وَنِصْفِ الْعُشْرِ فِيمَا سُقِيَ كُلْفَةً]

فَصْلٌ

(وَيَجِبُ الْعُشْرُ) وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ إِجْمَاعًا (فِيمَا سُقِيَ بِغَيْرِ كُلْفَةٍ كَالْغَيْثِ وَالسُّيُوحِ) جَمْعُ سَيْحٍ؛ وَهُوَ الْمَاءُ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَالْمُرَادُ: الْأَنْهَارُ وَالسَّوَاقِي (وَمَا يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ) كَالْبَعْلِ (وَنِصْفُ الْعُشْرِ فِيمَا سُقِيَ بِكُلْفَةٍ كَالدَّوَالِي) وَاحِدَتُهَا دَالِيَةٌ؛ وَهِيَ الدُّولَابُ تُدِيرُهُ الْبَقَرُ، وَالنَّاعُورَةُ تُدِيرُهَا الْمَاءُ (وَالنَّوَاضِحُ) جَمْعُ نَاضِحٍ وَنَاضِحَةٍ، وَهُمَا الْبَعِيرُ وَالنَّاقَةُ يُسْتَقَى عَلَيْهِمَا، وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ، أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا، الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. سُمِّيَ عَثَرِيًّا؛ لِأَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ فِي مَجْرَى الْمَاءِ عَاثُورًا، فَإِذَا صَدَّتْهُ الْمَاءُ يَزَادُ مَدْخَلُ تِلْكَ الْمَجَارِ، فَتَسْقِيهِ؛ وَلِأَنَّ لِلْكُلْفَةِ تَأْثِيرًا فِي إِسْقَاطِ الزَّكَاةِ، فَفِي تَخْفِيفِهَا أَوْلَى، وَلَا تُؤَثِّرُ مُؤْنَةُ حَفْرِ الْأَنْهَارِ وَالسَّوَاقِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ إِحْيَاءِ الْأَرْضِ، وَلَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ، وَكَذَا مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>