للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَابِسًا، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ زَكَاتِهِ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ سَاعِيًا إِذَا بَدَا صَلَاحُ الثَّمَرِ لِيَخْرُصُهُ عَلَيْهِمْ لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ، فَإِنْ كَانَ أَنْوَاعًا، خَرَصَ كُلَّ نَوْعٍ وَحْدَهُ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بَيْعِهَا مِنْهُ أَوْ فِي غَيْرِهِ) وَيُقَسِّمُ ثَمَنَهَا، وَلِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ يَبْذُلُ فِيهَا عِوَضَ مِثْلِهَا، أَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ (وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يُخْرِجُ إِلَّا يَابِسًا) مُصَفَّاةً، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «يُخْرَصُ الْعِنَبُ فَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ زَبِيبًا» ، وَلِأَنَّهُ حَالَةُ الْكَمَالِ، فَاعْتُبِرَ، فَإِنْ أَتْلَفَ رَبُّ الْمَالِ هَذِهِ الثَّمَرَةَ، ضَمِنَ الْوَاجِبَ فِي ذِمَّتِهِ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا كَغَيْرِهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَهَلْ يُخْرِجُ قِيمَتَهُ أَوْ يَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ يُخْرِجُهُ إِذَا قَدَرَ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ (وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ زَكَاتِهِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِعُمَرَ فِي سَرِيرِ الْفَرَسِ: «لَا تَشْتَرِهِ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ، وَلَوْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ» ، وَقَيَّدَهُ فِي " الْوَجِيزِ " بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ؛ وَهُوَ مُرَادٌ.

[يَبْعَثُ الْإِمَامُ سَاعِيًا إِذَا بَدَا صَلَاحُ الثَّمَرِ لِيَخْرُصُهُ عَلَيْهِمْ]

(وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْعَثُ الْإِمَامُ سَاعِيًا إِذَا بَدَا صَلَاحُ الثَّمَرِ لِيَخْرُصُهُ عَلَيْهِمْ لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ: " «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةٍ إِلَى يَهُودِ خَيْبَرَ فَيَخْرُصُ عَلَيْهِمُ النَّخْلَ حِينَ يَطِيبُ قَبْلَ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلِحَدِيثِ عَتَّابٍ وَغَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّهُ اجْتِهَادٌ فِي مَعْرِفَةِ الْحَقِّ بِالظَّنِّ لِلْحَاجَةِ لِغَيْرِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْمُنَجَّا أَنَّ نَخْلَ الْبَصْرَةِ لَا يُخْرَصُ، وَأَنَّهُ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ فقهاء الْأَمْصَارُ لِلْمَشَقَّةِ، وَيَكْفِي خَارِصٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ يَفْعَلُ مَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ كَحَاكِمٍ وَقَائِفٍ، وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا أَمِينًا لَا يُتَّهَمُ، خَبِيرًا، وَقِيلَ: حُرًّا، وَأُجْرَتُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يُبْعَثْ فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنَ الْخَرْصِ مَا يَفْعَلُهُ السَّاعِي، لِيَعَرِفَ قَدْرَ الْوَاجِبِ قَبْلَ تَصَرُّفِهِ، وَيُخَيِّرُهُ بَيْنَ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِمَا شَاءَ وَيَضْمَنَ قَدْرَهَا، وَبَيْنَ حِفْظِهَا إِلَى وَقْتِ الْجَفَافِ، فَإِنْ لَمْ يَضْمَنِ الزَّكَاةَ وَتَصَرَّفَ، صَحَّ تَصَرُّفُهُ، وَحَكَى ابْنُ تَمِيمٍ عَنِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يُبَاحُ التَّصَرُّفُ، كَتَصَرُّفِهِ قَبْلَ الْخَرْصِ (فَإِنْ كَانَ أَنْوَاعًا، خَرَصَ كُلَّ نَوْعٍ وَحْدَهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْعَدْلِ وَعَدَمِ الْجَوْرِ؛ لِأَنَّ الْأَنْوَاعَ تَخْتَلِفُ، فَمِنْهَا مَا يَكْثُرُ رُطَبُهُ، وَيَقِلُّ تَمْرُهُ، وَبِالْعَكْسِ (وَإِنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>