للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَسْقُطُ، وَإِنْ عَلِمَ حَيَاتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، أَخْرَجَ لِمَا مَضَى.

وَلَا تَلْزَمُ الزَّوْجَ فِطْرَةُ النَّاشِزِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: تَلْزَمُهُ،

وَمَنْ لَزِمَ غَيْرَهُ فِطْرَتُهُ، فَأَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَهَلْ يُجْزِئُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَ الْفِطْرَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يَرْجُوَ رَجَعَتْهُ أَوْ يَيْأَسَ مِنْهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ مُطْلَقًا، أَوْ مَحْبُوسًا، أَوْ لَا، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَعَنْهُ: رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ مِنْ زَكَاةِ الْمَالِ لَا يَجِبُ، وَلَوِ ارْتَجَى عَوْدُ الْآبِقِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا يَلْزَمُهُ إِخْرَاجُهَا حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ، زَادَ بَعْضُهُمْ: أَوْ يَعْلَمَ مَكَانَ الْآبِقِ (إِلَّا أَنْ يَشُكَّ فِي حَيَاتِهِ فَتَسْقُطَ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ بَقَاؤُهُ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَالظَّاهِرُ مَوْتُهُ، وَكَالنَّفَقَةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَمْ تُجْزِئْهُ، وَذَكَرَ ابْنُ شِهَابٍ: تَلْزَمُهُ لِئَلَّا تَسْقُطَ بِالشَّكِّ، وَالْكَفَّارَةُ ثَابِتَةٌ بِيَقِينٍ، فَلَا يَسْقُطُ مَعَ الشَّكِّ فِي حَيَاتِهِ (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (إِنْ عَلِمَ حَيَاتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرَجَ لِمَا مَضَى) ؛ لِأَنَّهُ بَانَ لَهُ وُجُودُ سَبَبِ الْوُجُوبِ فِي الْمَاضِي، فَوَجَبَ الْإِخْرَاجُ، كَمَالِ غَائِبٍ بَانَتْ سَلَامَتُهُ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: عَنِ الْقَرِيبِ كَالنَّفَقَةِ.

[لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ فِطْرَةُ الزَّوْجَةِ النَّاشِزِ]

(وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ فِطْرَةُ النَّاشِزِ) فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ؛ لِعَدَمِ وُجُوبِ نَفَقَتِهَا، فَفِطْرَتُهَا عَلَيْهَا أَوْ عَلَى سَيِّدِهَا، وَالْمُرَادُ إِذَا كَانَ نُشُوزُهَا فِي وَقْتِ وُجُوبِ الْفِطْرَةِ (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: تَلْزَمُهُ) ؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ ثَابِتَةٌ عَلَيْهَا، فَلَزِمَهُ فِطْرَتُهَا كَالْمَرِيضَةِ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمَرِيضَةَ لَا تَحْتَاجُ إِلَى نَفَقَةٍ، لَا لِخَلَلٍ فِي الْمُقْتَضِي لَهَا، وَحُكْمُ كُلُّ امْرَأَةٍ لَا نَفَقَةَ لَهَا كَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إِذَا لَمْ تُسَلَّمْ إِلَيْهِ، وَالصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا يُمْكِنُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا، تَجِبُ عَلَى الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ.

[مَنْ لَزِمَ غَيْرَهُ فِطْرَتُهُ فَأَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ]

(وَمَنْ لَزِمَ غَيْرَهُ فِطْرَتُهُ فَأَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ) أَيْ: بِغَيْرِ إِذْنِ مَنْ تَلْزَمُهُ، زَادَ فِي " الِانْتِصَارِ " وَنِيَّتِهِ (فَهَلْ يُجْزِئُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْإِجْزَاءُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ، فَأَجْزَأَهُ، كَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي: لَا؛ لِأَنَّهُ أدى الْوَاجِبُ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ أَدَّى عَنْ غَيْرِهِ، وَهُمَا يَنْفِيَانِ هَلْ يَكُونُ مُتَحَمِّلًا عَنِ الْغَيْرِ لِكَوْنِهَا طُهْرَةً لَهُ أَوْ أَصِيلًا؛ لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ بِهَا؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ، فَلَوْ لَمْ يُخْرِجْ مَعَ قُدْرَتِهِ، لَمْ يَلْزَمِ الْغَيْرَ شَيْءٌ، وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْإِخْرَاجِ، جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>