للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُسْتَحَبُّ صَرْفُهَا فِي الْأَصْنَافِ كُلِّهَا، وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى إِنْسَانٍ وَاحِدٍ، أَجْزَأَهُ، وَعَنْهُ: لَا يُجْزِئُهُ إِلَّا ثَلَاثَةٌ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ إِلَّا الْعَامِلُ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ يُدْفَعُ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَفْرِيغَ الذِّمَّةِ مِنَ الدَّيْنِ وَاجِبٌ، وَالْإِعَانَةَ عَلَيْهِ قُرْبَةٌ، أَشْبَهَ مَا لَوْ تَلِفَ مَالُهُ فِي الْمَعْصِيَةِ حَتَّى افْتَقَرَ، فَإِنَّهُ يُصْرَفُ إِلَيْهِ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ بِشَرْطِهِ، وَعَوْدُ ابْنِ السَّبِيلِ إِلَى بَلَدِهِ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ، بَلْ رُبَّمَا كَانَ إِقْلَاعًا عَنْهَا، كَالْعَاقِّ يُرِيدُ الرُّجُوعَ إِلَى أَبَوَيْهِ.

وَالثَّانِي: لَا لِكَوْنِهِ اسْتِدَامَةً لِلْمَعْصِيَةِ، فَلَمْ تُدْفَعْ إِلَيْهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَتُبْ؛ وَلِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي إِظْهَارِ التَّوْبَةِ لِأَجْلِ قَضَاءِ دَيْنِهِ، ثُمَّ يَعُودُ، وَكَذَا لَوْ سَافَرَ فِي مَكْرُوهٍ أَوْ نُزْهَةٍ.

[اسْتِحْبَابُ صَرْفِهَا فِي الْأَصْنَافِ كُلِّهَا]

(وَيُسْتَحَبُّ صَرْفُهَا فِي الْأَصْنَافِ كُلِّهَا) أَيِ: الثَّمَانِيَةِ لِكُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا إِنْ وُجِدَ حَيْثُ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ، أَوْ فِيمَنْ أَمْكَنَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ خُرُوجًا مِنَ الْخِلَافِ، وَتَحْصِيلًا لِلْإِجْزَاءِ يَقِينًا، (وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى إِنْسَانٍ وَاحِدٍ) مِنَ الْأَصْنَافِ (أَجْزَأَهُ) فِي قَوْلِ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة: ٢٧١] الْآيَةَ، وَلِحَدِيثِ مُعَاذٍ، وَقَوْلِهِ لِقَبِيصَةَ: «أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا» ، وَأَمَرَ «بَنِي زُرَيْقٍ بِدَفْعِ صَدَقَتِهِمْ إِلَى سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ» ، وَلَوْ وَجَبَ الِاسْتِيعَابُ لَمْ يَجُزْ صَرْفُهَا إِلَى وَاحِدٍ، وَلِأَنَّهُ لَا يَجِبُ إِذَا فَرَّقَهَا السَّاعِي، فَكَذَا الْمَالِكُ، وَلِمَا فِيهِ مِنَ الْكَسْرِ؛ وَهُوَ مَنْفِيٌّ شَرْعًا، وَالْآيَةُ إِنَّمَا سِيقَتْ لِبَيَانِ مَنْ تُصَرَفُ إِلَيْهِ، لَا لِتَعْمِيمِهِمْ، وَكَالْوَصِيَّةِ لِجَمَاعَةٍ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ، وَشَرْطُهُ إِذَا لَمْ يُوَصِّلْهُ إِلَى الْغِنَى، ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ، فَظَاهِرُهُ لَا بُدَّ أَنْ يَنْقُصَ مِنْهُ، وَنَصَّ أَحْمَدُ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ عَلَى خِلَافِهِ، لَكِنْ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ، وَنَصُّ الْمُؤَلِّفِ عَلَى جَوَازِ الدَّفْعِ إِلَى وَاحِدٍ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ إِلَى الصِّنْفِ مِنْ بَابِ أَوْلَى.

وَعَنْهُ: يَجِبُ الِاسْتِيعَابُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَضَافَهَا إِلَيْهِمْ بِلَامِ التَّمْلِيكِ، وَشَرَّكَ بَيْنَهُمْ، فَلَمْ يَجُزِ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِهِمْ إِلَّا لِضَرُورَةٍ كَأَهْلِ الْخُمُسِ، وَعَلَيْهَا: لَا يَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَصْنَافِ كَالصِّنْفِ الْوَاحِدِ، وَكَالْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ، بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ، فَعَلَى هَذِهِ (لَا يُجْزِئُهُ إلا ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ) ، لِأَنَّهُمْ أَقَلُّ الْجَمْعِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>