للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُهَايَأَةٌ فَلَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ وَيَحُجَّ فِي نَوْبَتِهِ وَإِلَّا فَلَا.

وَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ يُجْمَعُ فِيهِ إِلَّا الْمَرْأَةَ لَهَا الِاعْتِكَافُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ إِلَّا مَسْجِدَ بَيْتِهَا. وَالْأَفْضَلُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مَنَافِعَهُ، وَلَا يَمْلِكُ إِجْبَارَهُ عَلَى الْكَسْبِ فَهُوَ مَالِكٌ لِمَنَافِعِهِ كَحُرٍّ مَدِينٍ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ. وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ حَلَّ نَجْمٌ أَوْ لَا، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: مَا لَمْ يَحِلَّ نَجْمٌ، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: لَهُ الْحَجُّ مِنَ الْمَالِ الَّذِي جَمَعَهُ مَا لَمْ يَأْتِ نَجْمُهُ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى إِذْنِهِ لَهُ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِإِذْنِهِ نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ: مَا لَمْ يَحِلَّ نَجْمٌ، وَعَنْهُ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا، (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ إِنْ كَانَت بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ) وَهُوَ أَنْ يَتَّفِقَ هُوَ، وَمَالِكُ بَعْضِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مُدَّةٌ، وَلِمَالِكِ بَعْضِهِ أُخْرَى (فَلَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ، وَيَحُجَّ فِي نَوْبَتِهِ) ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِسَيِّدِهِ بَلْ هِيَ كَالْحُرِّ، (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ؛ لِأَنَّ لَهُ مُلْكًا فِي مَنَافِعِهِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ فَتَجْوِيزُهُ يَتَضَمَّنُ إِبْطَالَ حَقِّ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ بِجَائِزٍ.

[الِاعْتِكَافُ لَا يَصِحُّ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ]

وَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧] ، فَلَوْ صَحَّ فِي غَيْرِهَا لَمْ يَخْتَصَّ بِتَحْرِيمِ الْمُبَاشَرَةِ إِذْ هِيَ مُحَرَّمَةٌ فِي الِاعْتِكَافِ مُطْلَقًا، وَلِأَنَّهُ «كَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُدْخِلُ رَأْسَهُ إِلَى عَائِشَةَ، وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَتُرَجِّلُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةٍ (يُجْمَعُ فِيهِ) أَيْ: تُقَامُ فِيهِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ، وَلَوْ مِنْ مُعْتَكِفِينَ حِذَارًا إِمَّا مِنْ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ الْوَاجِبَةِ أَوْ تَكَرُّرِ الْخُرُوجِ الْمُنَافِي لَهُ مَعَ إِمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ، فَإِذَا قِيلَ: بِأَنَّهَا سُنَّةٌ فَلَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَعْذُورُ وَالصَّبِيُّ، وَمَنْ هُوَ فِي قَرْيَةٍ لَا يُصَلِّي فِيهَا غَيْرُهُ، وَمَنِ اعْتِكَافُهُ فِي مدة غير وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَسْقُطَ عَنِ الْمَعْذُورِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَمَاعَةِ، وَقَدِ الْتَزَمَهُ (إِلَّا الْمَرْأَةَ لَهَا الِاعْتِكَافُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ) لِلْآيَةِ، وَالْجَمَاعَةُ لَا تَلْزَمُهَا، وَفِي " الِانْتِصَارِ ": فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ، وَهِيَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَالْخِرَقِيِّ، لِمَا رَوَى حَرْبٌ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ امْرَأَةٍ جَعَلَتْ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا فَقَالَ: بِدْعَةٌ، وَأَبْغَضُ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ الْبِدَعُ فَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الصَّلَاةُ (إِلَّا مَسْجِدَ بَيْتِهَا) وَهُوَ مَا اتَّخَذَتْهُ لِصَلَاتِهَا، وَلَوْ جَازَ لَفَعَلَتْهُ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>