للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ: الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ، فَلَا يَجِبُ عَلَى كَافِرٍ وَلَا مَجْنُونٍ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا. وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ، فَلَا يَجِبُ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا عَبْدٍ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا وَلَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

ثَلَاثًا فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُؤَقَّتَةٌ بِالْعُمْرِ أَشْبَهَ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا، وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ كُلَّ عَامٍ

[شُرُوطُ وُجُوبِ الْحَجِّ]

(بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ: الْإِسْلَامُ، وَالْعَقْلُ) هُمَا شَرْطَانِ لِلصِّحَّةِ، وَالْوُجُوبِ (فَلَا يَجِبُ عَلَى كَافِرٍ) أَصْلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ دُخُولِ الْحَرَمِ، وَهُوَ مُنَافٍ لَهُ، (وَلَا مَجْنُونٍ) لِلْخَبَرِ، وَلِعَدَمِ صِحَّتِهِ، وَقَصْدُ الْفِعْلِ شَرْطٌ، (وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنَ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ عِبَادَةٌ مِنْ شَرْطِهَا النِّيَّةُ، وَهِيَ لَا تَصِحُّ مِنْهُمَا، لَكِنَّ الْكَافِرَ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ وَعَلَى سَائِرِ فُرُوعِ الْإِسْلَامِ كَالتَّوْحِيدِ إِجْمَاعًا، وَعَنْهُ: لَا، وَهُوَ الْأَشْهَرُ لِلْحَنَفِيَّةِ، وَعَنْهُ: يُعَاقَبُ عَلَى النَّوَاهِي فَقَطْ، وَالْمُرْتَدُّ مِثْلُهُ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْحَجُّ بِاسْتِطَاعَتِهِ فِي رِدَّتِهِ إِذَا أَسْلَمَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ الْتَزَمَ حُكْمَ الْإِسْلَامِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ كَالْأَصْلِيِّ؛ فِيهِ رِوَايَتَانِ، فَلَوْ حَجَّ، ثُمَّ ارْتَدَّ، ثُمَّ أَسْلَمَ، وَهُوَ مُسْتَطِيعٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُ حَجٌّ ثَانٍ؛ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَيَبْطُلُ إِحْرَامُهُ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ بِرِدَّتِهِ فِيهِ كَالصَّوْمِ، وَلَا تَبْطُلُ الِاسْتِطَاعَةُ بِالْجُنُونِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْقِدَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ يَعْقِدَهُ لَهُ وَلِيُّهُ، وَقِيلَ: يَصِحُّ فِي الثَّانِيَةِ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ.

وَيَبْطُلُ الْإِحْرَامُ بِالْجُنُونِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ، وَقِيلَ: لَا، كَالْمَوْتِ فَيَصِيرُ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَالْمَعْرُوفُ لَا يَبْطُلُ بِهِ كَالسُّكْرِ.

(وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ) هُمَا شَرْطَانِ لِلْوُجُوبِ، وَالْإِجْزَاءِ (فَلَا يَجِبُ عَلَى صَبِيٍّ) لِلْخَبَرِ، ولِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، (وَلَا عَبْدٍ) ؛ لِأَنَّ مُدَّتَهُمَا تَطُولُ فَلَمْ يَجِبَا عَلَيْهِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إِبْطَالِ حَقِّ السَّيِّدِ كَالْجِهَادِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الشَّهَادَةُ، (وَيَصِحُّ مِنْهُمَا) لِمَا «رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً رَفَعَتْ إِلَيْهِ صَبِيًّا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ؛ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْعَبْدُ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ فَصَحَّا مِنْهُ كَالْحُرِّ، (وَلَا يُجْزِئُهُمَا) عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ، وَعَلَيْهِمَا الْحَجُّ، وَالْعُمْرَةُ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَالْعِتْقِ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ ثُمَّ بَلَغَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ ثُمَّ عُتِقَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى» . رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>