للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ لِلذَّاتِ الْحَادِثَةِ صِفَةٌ قَدِيمَةٌ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْحَقِّ وَالسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَقَالَ الْمُحَقِّقُ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ عِنْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ النَّسَفِيِّ وَلَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ: فَإِنَّ أَوْصَافَهُ تَعَالَى مِنْ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ أَجَلُّ وَأَعْلَى مِمَّا فِي الْمَخْلُوقَاتِ بِحَيْثُ لَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَهُمَا.

وَالْمُرَادُ بِالْقُرْآنِ عِنْدَ أَئِمَّةِ أُصُولِ الْفِقْهِ اللَّفْظُ الْمُنَزَّلُ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْإِعْجَازِ بِسُورَةٍ مِنْهُ الْمُتَعَبَّدُ بِتِلَاوَتِهِ وَلَا يَصِحُّ عَلَى هَذَا أَيْضًا إرَادَةُ حَقِيقَةِ التَّشْبِيهِ فَقَدْ صَرَّحَ الْأَئِمَّةُ بِأَنَّ التَّعَبُّدَ بِالتِّلَاوَةِ مِنْ خَوَاصِّ الْقُرْآنِ وَبِأَنَّ الْإِعْجَازَ أَيْضًا مِنْ خَوَاصِّ الْقُرْآنِ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ لِكَوْنِ الْقُرْآنِ فِي أَعْلَى مَرَاتِبِ الْبَلَاغَةِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الدَّقَائِقِ وَالْخَوَاصِّ الْخَارِجَةِ عَنْ طَوْقِ الْبَشَرِ فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا الْقَائِلَ مُخْطِئٌ فِي إطْلَاقِ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّشْبِيهَ فِي أَمْرٍ مَقْبُولٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ مِنْ التَّجَاسُرِ عَلَى مِثْلِ هَذَا، وَإِنْ اعْتَقَدَ حَقِيقَةَ التَّشْبِيهِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ مَذْهَبِ أَهْلِ الْحَقِّ وَالسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَمِنْهَا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ الَّذِي يَمْنَعُ اسْتِمَاعَ الْقُرْآنِ وَقِيَاسِ الْكَلَامِ الَّذِي يَمْنَعُ اسْتِمَاعَ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ إذَا الْإِصْغَاءُ وَالِاسْتِمَاعُ إلَى الْقُرْآنِ سُنَّةٌ لَا وَاجِبٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>