للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَيْهِ مَعَ صِغَرِ زَلَّتِهِ فَتَعْظِيمٌ لَهَا وَزَجْرٌ بَلِيغٌ لِأَوْلَادِهِ عَنْهَا، وَإِنَّمَا أُمِرَ بِالتَّوْبَةِ تَلَافِيًا لِمَا فَاتَهُ، وَجَرَى عَلَيْهِ مَا جَرَى مُعَاتَبَةً لَهُ عَلَى تَرْكِ الْأَوْلَى وَوَفَاءً بِمَا قَالَهُ لِلْمَلَائِكَةِ قَبْلَ خَلْقِهِ فَلَمْ يَكُنْ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْجَنَّةِ بِهَذَا السَّبَبِ. الثَّالِثِ: أَنَّهُ فَعَلَهُ نَاسِيًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: ١١٥] وَلَكِنَّهُ عُوتِبَ بِتَرْكِ التَّحَفُّظِ عَنْ أَسْبَابِ النِّسْيَانِ، وَلَعَلَّهُ وَإِنْ حُطَّ عَنْ الْأُمَّةِ لَمْ يُحَطَّ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ لِعِظَمِ قَدْرِهِمْ وَكَثْرَةِ مَعَارِفِهِمْ وَعُلُوِّ مَنَازِلِهِمْ إذْ يَلْزَمُهُمْ مِنْ التَّحَفُّظِ وَالتَّيَقُّظِ مَا لَا يَلْزَمُ غَيْرَهُمْ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بِلَفْظِ: «الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْعُلَمَاءُ ثُمَّ الصَّالِحُونَ» وَقَالَ تَعَالَى {مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: ٣٠] .

أَوْ ادَّعَى فِعْلَهُ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ عَلَى طَرِيقِ السَّيِّئَةِ الْمُقَدَّرَةِ دُونَ الْمُؤَاخَذَةِ كَتَنَاوُلِ السُّمِّ مَعَ الْجَهْلِ بِهِ، وَهَذَا الثَّالِثُ جَارٍ عَلَى رَأْيِ مَنْ جَوَّزَ وُقُوعَ الذَّنْبِ مِنْهُمْ سَهْوًا. الرَّابِعِ أَنَّ آدَمَ أَقْدَمَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ اجْتِهَادٍ أَخْطَأَ فِيهِ فَإِنَّهُ ظَنَّ أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ أَوْ أَنَّ الْإِشَارَةَ إلَى عَيْنِ تِلْكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>