للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهَا مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ عَالِمٌ مُتَبَحِّرٌ فَالْمُرَادُ بِالِاسْتِدْلَالِ مُجَرَّدُ الِانْتِقَالِ مِنْ الْأَثَرِ إلَى الْمُؤَثِّرِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْأَعْرَابِيِّ مِنْ قَوْلِهِ الْبَعْرَةُ تَدُلُّ عَلَى الْبَعِيرِ وَآثَارُ الْأَقْدَامِ عَلَى الْمَسِيرِ فَسَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاجٍ، وَأَرْضٌ ذَاتُ فِجَاجٍ كَيْفَ لَا تَدُلُّ عَلَى الصَّانِعِ الْخَبِيرِ.

فَإِذَا كَانَ مَعْنَى الِاسْتِدْلَالِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى تَحْرِيرِ الْأَدِلَّةِ وَدَفْعِ الشُّبْهَةِ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مُقَلِّدٌ قَطُّ إذْ أَجْهَلُ مَنْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُمْ كَالرُّعَاةِ وَسُكَّانِ الْبَوَادِي إذَا رَأَى شَيْئًا عَجِيبًا يَقُولُ سُبْحَانَ مَنْ خَلَقَهُ وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ مِنْهُ عَلَى وُجُودِ الْعَالَمِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا حَالَ أَجْهَلِهِمْ فَكَيْفَ حَالُ مَنْ نَشَأَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْوُعَّاظِ وَلَازَمَ الْجَمَاعَةَ وَالْجُمُعَةَ. اهـ. وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: الْحَقُّ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ بِطَرِيقٍ إجْمَالِيٍّ تَرْفَعُ النَّاظِرَ عَنْ حَضِيضِ التَّقْلِيدِ فَرْضُ عَيْنٍ لَا مَخْرَجَ عَنْهُ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ وَبِدَلِيلٍ تَفْصِيلِيٍّ يُمْكِنُ مَعَهُ إزَاحَةُ الشَّبَهِ، وَإِلْزَامُ الْمُنْكِرِينَ، وَإِرْشَادُ الْمُسْتَرْشِدِينَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَقَالَ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ لَيْسَ الْخِلَافُ فِي هَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَشَئُوا فِي دِيَارِ الْإِسْلَامِ مِنْ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى وَالصَّحَارِي وَلَا الَّذِينَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ بَلْ فِيمَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>