للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلَغَهُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ مِسْكِينًا سَأَلَهَا وَهِيَ صَائِمَةٌ وَلَيْسَ فِي بَيْتِهَا إلَّا رَغِيفٌ فَقَالَتْ لِمَوْلَاةٍ لَهَا أَعْطِيهِ إيَّاهُ فَقَالَتْ لَيْسَ لَك مَا تُفْطِرِينَ عَلَيْهِ فَقَالَتْ أَعْطِهِ إيَّاهُ فَفَعَلَتْ.

(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ ابْنِ هِشَامٍ فِي شَرْحِ الْقَطْرِ فِي بَابِ الْمَفْعُولِ مَعَهُ يَجِبُ نَصْبُهُ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَطْفُ مُمْتَنِعًا لِمَانِعٍ مَعْنَوِيٍّ كَقَوْلِك لَا تَنْهَ عَنْ الْقَبِيحِ، وَإِتْيَانَهُ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ فَمَا وَجْهُ التَّنَاقُضِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ لَفْظَ الْقَبِيحِ يَقْتَضِي وُجُودَهُ بِأَنْ يَكُونَ فَاعِلُهُ مُتَلَبِّسًا بِهِ إذْ فَعِيلٌ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ وَلَفْظُ إتْيَانِهِ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ الْقَبِيحَ مَعْدُومٌ حَالَ التَّكَلُّمِ بِهِ فَيَلْزَمُ مِنْ الْعَطْفِ إفَادَةُ وُجُودِ الْقَبِيحِ وَعَدَمُ وُجُودِ ذَلِكَ الْقَبِيحِ.

[هَلْ يُقْطَعُ بِدُخُولِ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ النَّارَ]

(سُئِلَ) هَلْ يُقْطَعُ بِدُخُولِ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ النَّارَ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ لِلْأَدِلَّةِ الْقَطْعِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ بَلْ قَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ إنَّ صَاحِبَ الْكَبِيرَةِ إذَا لَمْ يَتُبْ عَنْهَا مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْهَا أَبَدًا وَقَدْ قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ: قَدْ تَوَاتَرَتْ الْأَحَادِيثُ فِي أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ بِذُنُوبِهِ غَيْرَ أَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يَبْقَى فِيهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ وَاَلَّذِي تَلْحَقُهُ الشَّفَاعَةُ ابْتِدَاءً حَتَّى لَا يُعَذَّبُ أَصْلًا غَيْرُ مَعْلُومٍ فَالذَّنْبُ خَطَرُهُ عَظِيمٌ وَرَبُّنَا غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَعَذَابُهُ شَدِيدٌ أَلِيمٌ. اهـ.

وَمِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ أَنَّ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَفَاعَاتٍ مِنْهَا إخْرَاجُ مَنْ أُدْخِلَ النَّارَ مِنْ الْمُوَحِّدِينَ وَيُشَارِكُهُ فِيهَا الْأَنْبِيَاءُ وَالْمَلَائِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلَكِنَّهُ اخْتَصَّ بِالشَّفَاعَةِ لِمَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ الْإِيمَانِ فِي إخْرَاجِهِ مِنْ النَّارِ وَمِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ أَنَّ غَيْرَ الْكُفَّارِ مِنْ الْعُصَاةِ وَمُرْتَكِبِي الْكَبَائِرِ لَا يُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧] وَلَا شَكَّ أَنَّ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ قَدْ عَمِلَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا وَهُوَ إيمَانُهُ فَأَمَّا أَنْ تَكُونَ رُؤْيَتُهُ لِلْخَيْرِ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>