للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلْ وَلَا يُتَصَرَّفُ فِيهَا بِغَيْرِ الْحَالِ.

[أَسْبَاب التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ]

(سُئِلَ) عَمَّا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَالَ كُلُّ مَا كَانَ حَرَامًا بِوَصْفِهِ وَبِسَبَبِهِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا فَلَا يَأْتِيهِ التَّحْلِيلُ إلَّا مِنْ جِهَةِ الضَّرُورَةِ أَوْ إلَّا كِرَاءً وَمَا كَانَ حَلَالًا بِوَصْفِهِ دُونَ سَبَبِهِ فَلَا يَأْتِيهِ التَّحْرِيمُ إلَّا مِنْ جِهَةِ سَبَبِهِ، وَمَا كَانَ حَلَالًا بِسَبَبِهِ فَلَا يَأْتِيهِ التَّحْرِيمُ إلَّا مِنْ جِهَةِ وَصْفِهِ، وَالْمَسْئُولُ مِنْ الصَّدَقَاتِ إيضَاحُ ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ أَسْبَابَ التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا قَائِمٌ بِالْمَحَلِّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ وَالثَّانِي خَارِجٌ عَنْ الْمَحَلِّ فَأَمَّا الْقَائِمُ بِالْمَحَلِّ مِنْ أَسْبَابِ التَّحْرِيمِ فَهُوَ كُلُّ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِالْمَحَلِّ مُوجِبَةٍ لِلتَّحْرِيمِ كَصِفَةِ الْخَمْرِ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ لِمَا قَامَ بِشُرْبِهَا مِنْ النَّشْوَةِ الْمُطْرِبَةِ الْمُفْسِدَةِ لِلْعُقُولِ وَكَالْمَيْتَةِ حَرُمَتْ لِمَا قَامَ بِهَا مِنْ الِاسْتِقْذَارِ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ حَرُمَ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِهِ وَكَالسُّمُومِ الْقَاتِلَةِ حَرُمَتْ لِمَا قَامَ بِهَا مِنْ الصِّفَاتِ الْقَاتِلَةِ، وَأَمَّا الْقَائِمُ بِالْمَحَلِّ مِنْ أَسْبَابِ التَّحْلِيلِ فَكُلُّ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِالْمَحَلِّ مُوجِبَةٌ لِلتَّحْلِيلِ كَصِفَةِ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالرُّطَبِ وَالْعِنَبِ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَأَمَّا الْخَارِجُ فَضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا الْأَسْبَابُ الْبَاطِلَةُ كَالْغَصْبِ وَالْقِمَارِ وَالْحُرِّيَّةِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْبَيْعِ فَهَذِهِ أَسْبَابٌ خَارِجَةٌ عَنْ الْمَحَلِّ مُوجِبَةٌ لِتَحْرِيمِ الْفِعْلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ. الضَّرْبُ الثَّانِي الْأَسْبَابُ الصَّحِيحَةُ كَالْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَالْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ وَالْمُعَامَلَاتِ الْمَحْكُومِ بِصِحَّتِهَا فَقَوْلُ الشَّيْخِ: كُلُّ مَا كَانَ حَرَامًا بِوَصْفِهِ وَبِسَبَبِهِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا فَلَا يَأْتِيهِ التَّحْلِيلُ إلَّا مِنْ جِهَةِ الضَّرُورَةِ أَوْ الْإِكْرَاهِ. مِثَالُ الْأَوَّلِ الْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ إذَا غَصَبَهُمَا مِنْ ذِمِّيٍّ. وَمِثَالُ مَا كَانَا حَرَامًا بِوَصْفِهِ شُرْبُهُ خَمْرًا مُحْتَرَمَةً وَعَقْدُهُ عَلَى الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ عَقْدًا اتَّفَقَا عَلَى مِثْلِهِ إذَا عَقَدَ عَلَى غَيْرِهِمَا وَمِثَالُ مَا كَانَ حَرَامًا بِسَبَبِهِ أَكْلُهُ مَالًا غَصَبَهُ أَوْ أَخَذَهُ بِقِمَارٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَأْتِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>