للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْعُمُومِ كَمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُفْرَدِ الْمُحَلَّى إذْ هُوَ مِثْلُهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَفِي قَوْلِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ عِنْدَ قَوْلِ بَعْضِ الْمُتُونِ يَجِبُ الْحَجُّ عَلَى الْأَحْرَارِ إنَّمَا ذَكَرَ الْأَحْرَارَ وَمَا بَعْدَهُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ مَعَ أَنَّهُ مُحَلًّى بِاللَّامِ، وَالْمُحَلَّى يَبْطُلُ فِيهِ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ إذْ الْعَادَةُ جَرَتْ وَقْتَ خُرُوجِهِمْ بِالْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ مِنْ الرُّفَقَاءِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ. اهـ. وَفِي قَوْلِهِ إنَّ إخْفَاءَ الزَّكَاةِ أَفْضَلُ هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْجَمْعَ الْمُحَلَّى بِاللَّامِ وَالْإِضَافَةِ لِلْعُمُومِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ عَهْدٌ؛ لِمَا ذُكِرَ؛ وَلِأَدِلَّةٍ أُخَرَ مِنْهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِنَا فِي التَّشَهُّدِ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ فَإِنَّكُمْ إذَا قُلْتُمْ ذَلِكَ فَقَدْ سَلَّمْتُمْ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَأَفْرَادُهُ آحَادٌ فِي الْإِثْبَاتِ لِشُمُولِهِ أَفْرَادًا كُلُّهَا مِثْلُ الْمُفْرَدِ كَمَا ذَكَرَهُ أَئِمَّةُ الْأُصُولِ وَالنَّحْوِ، وَدَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِقْرَاءُ، وَصَرَّحَ بِهِ أَئِمَّةُ التَّفْسِيرِ فِي كُلِّ مَا وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ نَحْوَ {أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [البقرة: ٣٣] {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: ٣١] {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ} [البقرة: ٣٤] {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: ١٣٤] {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود: ٨٣] إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَلِهَذَا صَحَّ بِلَا خِلَافٍ نَحْوَ جَاءَنِي الْقَوْمُ أَوْ الْعُلَمَاءُ إلَّا زَيْدًا، وَإِلَّا الزَّيْدَيْنِ مَعَ امْتِنَاعٍ قَوْلِك جَاءَنِي كُلُّ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَّا زَيْدًا عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَّصِلِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ أَفْرَادِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ.

وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ عُمُومَ الْجَمْعِ مُسَاوٍ لِعُمُومِ الْمُفْرَدِ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَكِنْ فُرِّقَ بَيْنَ الْمُفْرَدِ وَالْمُعَرَّفِ فَاللَّامُ الْجِنْسِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْمُفْرَدَ صَالِحٌ؛ لَأَنْ يُرَادَ بِهِ جَمِيعُ الْجِنْسِ، وَأَنْ يُرَادَ بِهِ بَعْضُهُ، وَالْوَاحِدُ مِنْهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} [يوسف: ١٣] وَالْجَمْعُ صَالِحٌ؛ لَأَنْ يُرَادَ بِهِ جَمِيعُ الْجِنْسِ، وَأَنْ يُرَادَ بَعْضُهُ لَا الْوَاحِدُ؛ لِأَنَّ وِزَانَهُ فِي تَنَاوُلِ الْجَمْعِيَّةِ فِي الْجِنْسِ وِزَانَ الْمُفْرَدِ فِي تَنَاوُلِ الْجِنْسِيَّةِ، وَالْجَمْعِيَّةُ فِي الْجِنْسِ لَا فِي وَحَدَاتِهِ.

وَقَوْلُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ جَارٍ عَلَى الرَّاجِحِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَالْمُحَلَّى يَبْطُلُ فِيهِ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ مَعْنَاهُ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>