للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الدَّارِ مَثَلًا وَعَلَى كُلِّهِمْ لَكِنَّ الْيَمِينَ هُنَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَعَلَى الثَّانِي يَتَأَتَّى هُنَا مَا قَالُوهُ أَنَّ مِنْ اللَّوْثِ أَنْ يُوجَدَ قَتِيلٌ فِي مَسْكَنٍ لِعَدُوِّهِ كَحِصْنٍ أَوْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ، أَوْ مَحَلَّةٍ مُنْفَرِدَةٍ عَنْ الْبَلَدِ الْكَبِيرِ وَلَمْ يُسَاكِنْهُمْ غَيْرُهُمْ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَاعْتَرَضَهُمَا جَمْعٌ وَقَالُوا الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ اعْتِبَارُ أَنْ لَا يُخَالِطَهُمْ غَيْرُهُمْ وَالْمُرَادُ بِالْغَيْرِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ مَنْ لَمْ تُعْلَمْ صَدَاقَتُهُ لِلْقَتِيلِ وَلَا كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِهِ وَإِلَّا فَاللَّوْثُ مَوْجُودٌ فَلَا يَمْنَعُ الْقَسَامَةَ قَالَ الْعِمْرَانِيُّ وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ ذَلِكَ الْمَكَانَ غَيْرُ أَهْلِهِ لَمْ تُعْتَبَرْ الْعَدَاوَةُ فَيَكُونُ وُجُودُ قَتِيلٍ بَيْنَهُمْ لَوْثًا فِي حَقِّهِمْ وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ أَعْدَائِهِ وَلَا تَسْقُطُ الدَّعْوَى عَنْ بَاقِيهِمْ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى عَلَى وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُمْ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ بِأَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ مَا لَمْ يُكَذِّبْهُمَا الْوَلِيُّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِبَرَكَتِهِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ تَعْيِينِ الْمَجْرُوحِ لِجَارِحِهِ هَلْ هُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّهِ مَثَلًا أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ لَيْسَ ذَلِكَ بِلَوْثٍ عِنْدنَا لِضَعْفِ الْقَرِينَةِ فِيهِ فَإِنْ قُلْت يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَصِحُّ (إقْرَارُ الْمَرِيضِ بِدَيْنٍ، أَوْ عَيْنٍ لِوَارِثٍ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَى حَالَةٍ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيَتُوبُ فِيهَا الْفَاجِرُ فَإِذَا كَانَ وَصَلَ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ فَلِمَ لَا يَكُونُ تَعْيِينُهُ لِجَارِحِهِ لَوْثًا؛ لِأَنَّ وُصُولَهُ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ يُؤَكِّدُ ظَنَّ صِدْقِهِ وَمَدَارُ اللَّوْثِ عَلَى مُؤَكِّدِ ظَنٍّ هُنَا الصِّدْقُ قُلْت قَدْ عَارَضَ تِلْكَ الْقَرِينَةَ غَلَبَةُ وُقُوعِ الضَّغَائِنِ بَيْنَ الْمَجْرُوحِ وَالْمُتَّهَمِينَ بِجَرْحِهِ فَكَانَ فِي تَعْيِينِهِ مَا يُؤَكِّدُ عَدَمَ ظَنِّ صِدْقِهِ فَلَمْ يُعْمَلْ بِهِ وَأَمَّا ثَمَّ فَلَا قَرِينَةَ تُنَافِي مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَالُهُ مِنْ الصِّدْقِ فَعَمِلَ بِقَوْلِهِ وَصَحَّحْنَا إقْرَارَهُ إذْ لَا عُذْرَ لِمَنْ أَقَرَّ وَأَيْضًا فَالْحَقُّ هُنَا لَهُ إذْ الدِّيَةُ لَهُ وَإِنَّمَا تَنْتَقِلُ لِوَرَثَتِهِ عَنْهُ فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِيهِ مُطْلَقًا لِلتُّهْمَةِ وَأَمَّا ثَمَّ فَهُوَ مُقِرٌّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْحَقِّ لِغَيْرِهِ فَلَا تُهْمَةَ فِيهِ فَقُبِلَ مُطْلَقًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ الْبُغَاةِ]

(وَسُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ حُضُورُ الْمُسْلِمِينَ الْحُرُوبَ الَّتِي تَقَعُ فِيمَا بَيْنَ الْكَفَرَةِ لِلْمُشَاهَدَةِ وَالتَّفَرُّجِ، أَوْ لَا يَجُوزُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَكْثِيرِ جَمْعِهِمْ وَإِعَانَتِهِمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَتَحْسِينِ طَائِفَةٍ وَتَقْبِيحِ أُخْرَى وَوُجُودِ الْخَطَرِ فَإِنَّهُ رُبَّمَا تَصِلُ أَسْهُمُهُمْ إلَى النَّاظِرِينَ وَكَانَ مَشَايِخُنَا مِنْ أَهْلِ مَلِيبَارَ يَمْنَعُونَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ حُضُورِهِمْ حُرُوبَهُمْ وَهَلْ يَجُوزُ قِتَالُ الْمُسْلِمِينَ مَعَ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ مِنْ الْكُفَّارِ حَتَّى يَقْتُلَ مَثَلًا أَوْ يُقْتَلَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى ذَلِكَ، أَوْ لَا وَهَلْ يُؤْجَرُ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَقْتُلَ كَافِرًا، أَوْ يَقْتُلَهُ كَافِرٌ وَهَلْ يُعَامَلُ بِهِ مُعَامَلَةَ الشَّهِيدِ؟

(فَأَجَابَ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ إذَا وَقَعَ قِتَالٌ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ لَمْ يَحْرُمْ الْحُضُورُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ مُهْدَرٌ فَالْقَتْلُ فِيهِمَا وَاقِعٌ فِي مَحَلِّهِ فَلَيْسَ ثَمَّ مَعْصِيَةٌ، أَقَرَّ عَلَيْهَا الْمُتَفَرِّجُ بِحُضُورِهِ.

نَعَمْ إنْ خَشِيَ لَا عَلَى نُدُورِ عَوْدِ ضَرَرٍ عَلَيْهِ مِنْ الْحُضُورِ حَرُمَ عَلَيْهِ وَلَعَلَّ مَنْعَ الْمَشَايِخِ الْمَذْكُورِينَ الْحُضُورَ كَانَ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَلِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُقَاتِلُوا كُلًّا مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ وَأَنْ يُقَاتِلُوا أَحَدَهُمَا لَا بِقَصْدِ نُصْرَةِ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى بَلْ بِقَصْدِ إعْلَاءِ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وَإِلْحَاقِ النِّكَايَةِ فِي أَعْدَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهَذَا الْقَصْدِ حَصَلَ لَهُ أَجْرُ الْمُجَاهِدِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ قَاتَلَ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ بِقَصْدِ ذَلِكَ كَانَ كَذَلِكَ حَتَّى إذَا قُتِلَ فِي الْحَرْبِ أَوْ انْقَضَتْ وَحَرَكَتُهُ حَرَكَةُ مَذْبُوحٍ، أَوْ لَيْسَ بِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ عُومِلَ مُعَامَلَةَ الشَّهِيدِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَ مُرِيدُ الْقِتَالِ أَنَّهُ يَبْلُغُ نَوْعَ نِكَايَةٍ فِيهِمْ.

أَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ أَنْ يَبْرُزَ لِلْقِتَالِ بَادَرَهُ بِالْقَتْلِ مِنْ غَيْرِ أَدْنَى نِكَايَةٍ فِيهِمْ فَلَا يَجُوزُ لَهُ قِتَالُهُمْ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْتُلُ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ أَلْبَتَّةَ فَيَكُونُ عَلَيْهِ إثْمُ قَاتِلِ نَفْسِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ هَلْ غَيْرُ قُرَشِيٍّ عُدَّ مِنْ أُمَرَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُمْ - عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ فَمَنْ هُوَ وَلِمَنْ يَحْكُمُ؟ ؟

(فَأَجَابَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ هُوَ أُسَامَةُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>