للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْأَصْلُ فِي نَدْبِ الْقِيَامِ لِأَهْلِ الْفَضْلِ «قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِين قَدِمَ سَيِّدُ الْأَنْصَارِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قُومُوا إلَى سَيِّدِكُمْ» وَالْخِطَابُ لِلْأَنْصَارِ، أَوْ لِلْكُلِّ وَقَدْ صَنَّفَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جُزْءًا فِيهِ وَذَكَرَ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِيهِ وَأَحْكَامَهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ وَقَدْ صَارَ تَرْكُهُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ مُؤَدِّيًا إلَى التَّبَاغُضِ وَالتَّقَاطُعِ وَالتَّحَاسُدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ لِهَذَا الْمَحْذُورِ وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَقَاطَعُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَانًا كَمَا أَمَرَكُمْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» فَهُوَ لَا يُؤْمَرُ بِهِ بِعَيْنِهِ بَلْ لِكَوْنِ تَرْكِهِ صَارَ وَسِيلَةً إلَى هَذِهِ الْمَفَاسِدِ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّ تَرْكَهُ صَارَ إهَانَةً وَاحْتِقَارًا لِمَنْ اُعْتِيدَ الْقِيَامُ لَهُ، وَلِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَحْكَامٌ تَحْدُثُ عَنْ حُدُوثِ أَسْبَابٍ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ اهـ.

وَعَلَى الْقِيَامِ وَمَحَبَّتِهِ لِلتَّعَاظُمِ وَالْكِبْرِ حُمِلَ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ النَّاسُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» أَعَاذَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ ذَلِكَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ آمِينَ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِهَدْمِ جَمِيعِ كَنَائِسِ الْيَمَنِ فَهَلْ مَا قَالَهُ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ الْيَمَنُ مِمَّا أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ وَقَدْ أَلْحَقَ الشَّيْخَانِ هَذَا الْقِسْمَ بِمَا عُلِمَ حُدُوثُهُ فِي الْإِسْلَامِ فِي أَنَّ مَا شَكَّ فِي حُدُوثِهِ، أَوْ قِدَمِهِ فِيهِ مِنْ الْكَنَائِسِ لَا يُهْدَمُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ بِبَرِّيَّةٍ وَأَنَّ الْعِمَارَةَ اتَّصَلَتْ بِهِ لَكِنْ جَرَى ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي كَنَائِسِ الْقَاهِرَةِ عَلَى مَا يُصَرِّحُ بِهَدْمِ جَمِيعِ كَنَائِسِ عَدَنَ لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ الِاحْتِمَالِ فِيهَا لِأَنَّ السُّورَ الْمُحِيطَ بِهَا قَدِيمٌ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَهُوَ مَحْفُوفٌ بِالْجِبَالِ وَالْبَحْرِ فَلَا يُمْكِنُ أَنَّ كَنَائِسَهَا كَانَتْ بِغَيْرِ عِمَارَةِ الْبَلَدِ وَأَنَّهَا اتَّصَلَتْ بِهَا.

(وَسُئِلَ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَلْ تَتَأَدَّى سُنَّةُ التَّشْمِيتِ فَيَرْحَمُ اللَّهُ سَيِّدِي وَالسَّلَامُ بِالسَّلَامِ عَلَى سَيِّدِي؟

(فَأَجَابَ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ لَا تَتَأَدَّى سُنَّتُهُمَا وَفَرْضُ رَدِّ الثَّانِي إلَّا بِنَحْوِ يَرْحَمُك اللَّهُ وَالسَّلَامُ عَلَيْك مِمَّا فِيهِ خِطَابٌ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْأَدَبِ وَالسُّنَّةِ فَقَالَ رَحِمَك اللَّهُ سَيِّدِي.

(وَسُئِلَ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَمَّا يُقَالُ مَا لِي إلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأَنْتَ هَلْ لَهُ أَصْلٌ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ اسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: ٦٤] بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْجَلَالَةِ لَكِنَّ الْأَرْجَحَ أَنَّهُ عَلَى الْكَافِ وَاعْتُرِضَ هَذَا الِاسْتِدْلَال أَيْضًا بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَلَا يُقَاسُ بِهِ مَا مِنْ الْمَخْلُوقِ وَمِنْ ثَمَّ كَرِهَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُ - أَنْ يُقَالَ قَالَ الرَّسُولُ مَعَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ} [المائدة: ٤١] لِأَنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُخَاطِبَ خَلْقَهُ بِمَا شَاءَ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِبَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ وَأَقْسَمَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِكَثِيرٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ إعْلَامًا بِشَرَفِهِمْ وَيُكْرَهُ لَنَا ذَلِكَ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا» إنَّ التَّشْرِيكَ فِي الضَّمِيرِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَهْيُهُ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ مَا وَرَدَ أَنَّ «رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْت قَالَ جَعَلْتنِي لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِدْلًا مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ» .

(وَسُئِلَ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَمَّنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَابِضٌ ذَكَرَهُ وَعَوْرَتُهُ مَسْتُورَةٌ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ بِقَوْلِهِ إنَّ الضَّابِطَ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ عَلَى حَالَةٍ لَا يُخَاطَبُ فِيهَا عُرْفًا لَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ قَابِضَ ذَكَرِهِ لِلِاسْتِجْمَارِ كَذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ وَكَذَا قَابِضُهُ لِنَحْوِ الِاسْتِجْمَارِ لِشِدَّةِ انْتِشَارِهِ بَيْنَ النَّاسِ، أَوْ لِيَنْزِلَ مَنِيٌّ مِنْهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَظْهَرُ وَيَسْتَحْيِ مِنْ التَّكَلُّمِ مَعَهُ بِسَبَبِهِ.

(سُئِلَ) عَنْ كَافِرٍ ضَلَّ عَنْ طَرِيقِ صَنَمِهِ فَسَأَلَ مُسْلِمًا عَنْ الطَّرِيقِ إلَيْهِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَدُلَّهُ الطَّرِيقَ إلَيْهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدُلَّهُ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَا نُقِرُّ عَابِدِي الْأَصْنَامِ عَلَى عِبَادَتِهَا فَإِرْشَادُهُ لِلطَّرِيقِ إلَيْهِ إعَانَةٌ لَهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ عَظِيمَةٍ فَحَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>