للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِمَّنْ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ وَلَيْسَ هَذَا كَمَا إذَا أَعْرَضَ عَنْ كَسْرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الَّذِي يَعْتَبِرُ إعْرَاضَهُ وَأَمَّا الْتِقَاطُ السَّنَابِلِ فَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ اهـ.

وَكَلَامُهُ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ النَّظَرِ إلَى الْعَادَةِ وَالْعَمَلِ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكِسْرَةِ وَالسَّنَابِلِ فِي أَنَّ الْأُولَى لَا بُدَّ فِي الْمُعْرِضِ عَنْهَا أَنْ يَكُونَ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ اقْتَضَتْ أَنَّهُ مِمَّا لَا يُعْرَضُ عَنْهُ، أَوْ لَمْ تَقْتَضِ شَيْئًا لَمْ يَجُزْ أَخْذُهُ إلَّا عَلَى جِهَةِ الِالْتِقَاطِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعْرِيفُهُ سَنَةً، أَوْ مَا يَلِيقُ بِهِ وَقَدْ قَالَ الْقَفَّالُ لَوْ وَجَدَ دِرْهَمًا فِي بَيْتِهِ لَا يَدْرِي أَهُوَ لَهُ، أَوْ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتَهُ فَعَلَيْهِ تَعْرِيفُهُ لِمَنْ يَدْخُلُ بَيْتَهُ كَاللُّقَطَةِ أَيْ الْمَوْجُودَةِ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَلْ يَجُوزُ إحْرَاقُ الْجَرَادِ حَيًّا لِأَكْلِهِ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ يَجُوزُ شَيُّ الْجَرَادِ حَيًّا لِأَكْلِهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ جَوَازِ قَلْيِهِ حَيًّا وَمُنَازَعَةُ الزَّرْكَشِيّ فِيهِ بِأَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى الْحُرْمَةِ رَدَدْتهَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ الْمَذْهَبُ الْحِلُّ وَبِأَنَّ قَوْلَ الشَّيْخَ أَبِي حَامِدٍ وَمَنْ تَبِعَهُ بِالْحُرْمَةِ مَبْنِيٌّ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ عَلَى اخْتِيَارِهِ حُرْمَةَ ابْتِلَاعِ السَّمَكِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَمِنْ ثَمَّ تَبِعَ ابْنَ الرِّفْعَةِ مَعَ تَحْقِيقِهِ وَكَثْرَةِ اطِّلَاعِهِ النَّوَوِيُّ فِيمَا ذَكَرَهُ وَرَدَدْت فِيهِ أَيْضًا اسْتِشْكَالَ الْإِسْنَوِيِّ قَوْلَ الرَّوْضَةِ وَقَلْيُ السَّمَكِ حَيًّا جَائِزٌ كَابْتِلَاعِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) فِي شَخْصٍ نَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ لِإِعْيَائِهَا وَتَرَكَهَا فَأَخَذَهَا غَيْرُهُ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا فَلِمَنْ هِيَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ هِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا إذْ الْإِعْرَاضُ لَا يُؤَثِّرُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَلَا رُجُوعَ لِلْمُنْفِقِ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ وَقَالَ أَحْمَدُ إنَّهَا لِلْآخِذِ وَمَالِكٌ لِمَالِكِهَا وَعَلَيْهِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَلْ يَحِلُّ الِاصْطِيَادُ بِالْبُنْدُقِ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ أَفْتَى النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِحِلِّهِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ الْحَذْفِ وَتَعْلِيلُهُ بِأَنَّهُ يَفْقَأُ الْعَيْنَ وَلَا يَنْكَأُ الْعَدُوَّ وَلَا يَقْتُلُ الصَّيْدَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ وَلَا يَقْتُلُ الصَّيْدَ قَتْلًا يُبِيحُهُ فَخَرَجَ الْبُنْدُقَ لِأَنَّهُ يَقْتُلُهُ قَتْلًا لَا يُبِيحُهُ وَمِنْ ثَمَّ جَزَمَ فِي الذَّخَائِرِ بِتَحْرِيمِهِ ثُمَّ الرَّمْيُ بِهِ وَبِمَا لَا حَدَّ لَهُ كَالدَّبُّوسِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ فِيهِ تَعْرِيضُ الْحَيَوَانِ لِلْهَلَاكِ وَيُجَابُ بِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ أَنَّ الْبُنْدُقَ يَقْتُلُهُ قَتْلًا مُحَرَّمًا بَلْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُبْطِلَ حَرَكَتَهُ مَعَ بَقَاءِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ فِيهِ فَإِذَا ذَبَحَهُ حِينَئِذٍ حَلَّ فَهُوَ طَرِيقٌ لِإِبْطَالِ امْتِنَاعِهِ لَا لِقَتْلِهِ وَتَقْوِيَتِهِ وَبِهَذَا يَتَّضِحُ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ.

(وَسُئِلَ) سُؤَالًا صُورَتُهُ وَرَدَ فِي أَبِي دَاوُد مَا مَعْنَاهُ أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُمْ اصْطَادَ وَلَدَ حُمْرَةٍ فَجَاءَتْ أُمُّهُ تُعَرِّشُ فَرَآهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا فَقَالُوا فُلَانٌ فَأَمَرَهُ بِإِطْلَاقِهِ فَمَا الْجَوَابُ عَنْ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُ - مِنْ تَحْرِيمِ إطْلَاقِ مِلْكِهِ مِنْ ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ ذَكَرَ بَعْضُ مُحَقِّقِي مَشَايِخِنَا أَنَّ أَمْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِطْلَاقِهِ مَحْمُولٌ عَلَى خَوْفِ تَلَفِهِ بِسَبَبِ حَبْسِهَا عَنْهُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى - عَنْ بَنَادِقِ الْأَرْوَامِ وَالْإِفْرِنْجِ الَّتِي فِيهَا الْبَارُودُ وَالنَّارُ هَلْ يَحِلُّ الِاصْطِيَادُ بِهَا لِأَنَّهَا أَشَدُّ مِنْ الْمُحَدَّدِ؟ وَهَلْ هِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْبَنَادِقِ الَّتِي يُصَادُ بِهَا؟ وَهَلْ الْمُرَادُ بِمَا فِي فَتَاوَى الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى - مِنْ حِلِّ الِاصْطِيَادِ بِهَا جَوَازُ الِاصْطِيَادِ بِهَا، أَوْ حِلُّ أَكْلِ مَا صِيدَ بِهَا، أَوْ لَا؟ وَالْحَيَوَانُ إذَا صَارَ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ بِجَرْحِ هِرَّةٍ، أَوْ نَحْوِهَا، أَوْ بُنْدُقٍ هَلْ يَحِلُّ أَكْلُهُ بِذَبْحِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ مَعَ أَنَّهُ يَضْطَرِبُ اضْطِرَابًا شَدِيدًا بَعْدَ الذَّبْحِ وَيَنْفَجِرُ مِنْهُ الدَّمُ، أَوْ لَا يَحِلُّ؟

(فَأَجَابَ) - نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ لَا خِلَافَ فِي حُرْمَةِ الرَّمْيِ إلَى الصَّيْدِ بِالْبُنْدُقِ الَّذِي فِيهِ النَّارُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْبُنْدُقِ الَّذِي مِنْ طِينٍ فَصَاحِبِ الذَّخَائِرِ يَقُولُ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْرِيضَ الْحَيَوَانِ لِلْهَلَاكِ وَالنَّوَوِيُّ يَقُولُ: يَحِلُّ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى الِاصْطِيَادِ وَهُوَ مُبَاحٌ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ الْحَذْفِ، وَقَالَ إنَّهُ لَا يَنْكَأُ الْعَدُوَّ وَلَا يَقْتُلُ الصَّيْدَ وَلَكِنْ يَفْقَأُ الْعَيْنَ وَيَكْسِرُ السِّنَّ» قَالَ فَمُقْتَضَى الْحَدِيثِ إبَاحَةُ الصَّيْدِ بِالْبُنْدُقِ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ أَنَّهُ كَرِهَ الرَّمْيَ بِهِ فِي الْقُرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>