للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالسُّلَحْفَاةِ إلَّا مَا ثَبَتَ فِيهِ سُمِّيَّةٌ وَعَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ.

وَأَصْلِهَا وَهُوَ الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ يَحْرُمُ السَّرَطَانُ وَسَائِرُ أَنْوَاعِ الصَّدَفِ مِمَّا يَعِيشُ فِي الْبِرِّ أَيْضًا وَاخْتَلَفُوا فِي الدَّنِيلِسِ وَهُوَ صَدَفٌ صَغِيرٌ صُورَتُهُ صُورَةُ اللَّوْزِ فِي بَاطِنِهِ لَحْمٌ فِيهِ نُقْطَةٌ سَوْدَاءُ فَأَفْتَى الشَّمْسُ ابْنُ عَدْلَانَ وَعُلَمَاءُ عَصْرِهِ وَغَيْرُهُمْ بِحِلِّهِ قَالُوا لِأَنَّهُ مِنْ طَعَامِ الْبَحْرِ وَلَا يَعِيشُ إلَّا فِيهِ وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِتَحْرِيمِهِ وَقَالَ هَذَا مِمَّا لَا يَرْتَابُ فِيهِ سَلِيمُ الْعَقْلِ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ أَيْضًا فَمَنْ رَجَّحَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْبَدْرُ الزَّرْكَشِيُّ وَوَجَّهَهُ بِأَنَّهُ أَصْلُ السَّرَطَانِ لِتَوَلُّدِهِ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَيَوَانِ وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الصَّدَفِ كَالسُّلَحْفَاةِ. اهـ. وَمِمَّنْ رَجَّحَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَدْلَانَ وَأَهْلُ عَصْرِهِ الْكَمَالُ الدَّمِيرِيُّ فَقَالَ مُتَعَرِّضًا لِرَدِّ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ لَمْ يَأْتِ عَلَى تَحْرِيمِهِ دَلِيلٌ.

وَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ الْإِفْتَاءِ بِتَحْرِيمِ أَكْلِهِ لَمْ يَصِحَّ وَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ فُقَهَاءِ عَصْرِنَا بِتَحْرِيمِ أَكْلِهِ وَهَذِهِ عِبَارَةُ مَنْ فَقَدَ نَصَّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُ عَلَى أَنَّ حَيَوَانَ الْبَحْرِ الَّذِي لَا يَعِيشُ إلَّا فِيهِ يُؤْكَلُ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» . اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ وَهَذَا لَا يَرُدُّ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّ الْآيَةَ وَالْحَدِيثَ مَخْصُوصَانِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧] وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ لَحْمَ السَّرَطَانِ خَبِيثٌ وَهُوَ مُتَوَلِّدٌ مِنْ الدَّنِيلِسِ كَمَا عَلِمْت نَقْلَهُ عَنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَيَوَانِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ بَعْضِ اللُّغَوِيِّينَ إنَّ الضُّفْدَعَ يَتَوَلَّدُ مِنْ اللَّحْمِ الَّذِي فِي الدَّنِيلِسِ وَالضُّفْدَعُ خَبِيثٌ أَيْضًا فَعَلَى كُلٍّ مِنْ قَوْلَيْ تَوَلُّدُ الضُّفْدَعِ وَالسَّرَطَانِ مِنْهُ هُوَ لَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ إلَّا خَبِيثٌ فَلْيَكُنْ خَبِيثًا وَإِذَا ثَبَتَ خُبْثُهُ حَرُمَ بِنَصِّ الْآيَةِ فَالْأَوْلَى لِمَنْ أَرَادَ أَكْلَهُ تَقْلِيدُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُمَا - فَإِنَّهُمَا يَرَيَانِ حِلَّ جَمِيعِ مَيْتَاتِ الْبَحْرِ كَمَا مَرَّ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْهُمَا وَأَهْلُ مِصْرَ يَأْكُلُونَ الدَّنِيلِسَ وَيَبِيعُونَهُ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَلَعَلَّهُمْ جَارُونَ عَلَى إفْتَاءِ ابْنِ عَدْلَانَ وَمَنْ عَاصَرَهُ فَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ خُبْثٍ وَإِنَّ تَجَنُّبَ أَكْلِهِ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ مَا فِيهِ مِنْ السَّوَادِ خَرْؤُهُ عَلَى أَنَّ مَا قِبَلَ أَنَّهُ خَرْؤُهُ لَا أَصْلَ لَهُ وَإِلْحَاقُهُ بِالدُّودِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْ الْمَأْكُولِ بَعِيدٌ جِدًّا إذْ لَا جَامِعَ بَيْنَهُمَا بِوَجْهٍ فَإِنَّ عِلَّةَ حِلِّ أَكْلِ الدُّودِ عُسْرُ تَمْيِيزِهِ عَمَّا خَالَطَهُ وَأَمَّا الدَّنِيلِسُ وَنَحْوُهُ فَالْمُحَرِّمُونَ لِذَلِكَ يَحْكُمُونَ عَلَى جَمِيعِ عَيْنِهِ بِالنَّجَاسَةِ وَالتَّحْرِيمِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ خُبْثِهِ فَحِينَئِذٍ هُوَ لَمْ يُخَالِطْ غَيْرَهُ حَتَّى يُعْفَى عَنْهُ وَالسَّرَطَانُ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ وَأَلْحَقُوهُ بِالضُّفْدَعِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الدَّمِيرِيِّ إنَّهُ لَا يَتَخَلَّقُ بِتَوَالُدٍ وَنِتَاجٍ إنَّمَا يَتَخَلَّقُ فِي الصَّدَفِ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ التَّوَالُدِ وَالنِّتَاجِ عَدَمُ الدَّمِ لَكِنْ جَرَى جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّ الضُّفْدَعَ لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً فَيَجْرِي ذَلِكَ فِي السَّرَطَانِ وَمَعَ ذَلِكَ مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ ضَعِيفٌ.

(وَسُئِلَ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَلْ يَحِلُّ أَكْلُ الْبَطَارِخِ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِبَرَكَتِهِ وَعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ نَعَمْ لِأَنَّهُ بَيْضُ السَّمَكِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَلَا يُنَافِيه قَوْلُ الْجَوَاهِرِ وَلَا يَحِلُّ أَكْلُ سَمَكِ مِلْحٍ وَلَمْ يُنْزَعْ مَا فِي جَوْفِهِ لِأَنَّهُ فِي أَكْلِ السَّمَكَةِ كُلِّهَا مَعَ مَا فِي جَوْفِهَا مِنْ النَّجَاسَةِ بِخِلَافِ الْبَطَارِخِ فَإِنَّهُ يُشَقُّ جَوْفُهَا ثُمَّ يُخْرَجُ مِنْهُ لَكِنَّ مَحَلَّ هَذَا إنْ لَمْ يُعْلَمْ مُمَاسَّتُهُ لِنَجَاسَةِ الْجَوْفِ فَإِنْ عَلِمْت وَجَبَ غَسْلُهُ قَبْلَ أَكْلِهِ فَإِطْلَاقُ بَعْضِهِمْ حُرْمَةَ الْبَطَارِخِ اسْتِدْلَالًا بِعِبَارَةِ الْجَوَاهِرِ هَذِهِ غَلَطٌ ثُمَّ عِبَارَتُهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى سَمَكٍ كِبَارٍ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي الصِّغَارِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُهَا قَبْلَ شَقِّ أَجْوَافِهَا لِعُسْرِ تَتَبُّعِ مَا فِيهَا.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الْحِجَامَةِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ وَالْأَمْرُ بِهَا فِي الْبَعْضِ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ بِقَوْلِهِ نَعَمْ وَرَدَ بَلْ صَحَّ النَّهْيُ عَنْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ وَالْأَحَدِ وَالْأَرْبِعَاءِ وَفِي رِوَايَاتٍ أُخَرَ أَنَّ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ يَوْمُ الدَّمِ وَإِنَّ فِيهِ سَاعَةٌ لَا يَنْقَطِعُ فِيهَا الدَّمُ وَأَنَّهُ يُخْشَى مِنْهَا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَالسَّبْتِ الْبَرَصُ وَأَنَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لَا يَحْتَجِمُ فِيهَا أَحَدٌ إلَّا مَاتَ وَصَحَّ الْأَمْرُ بِهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَالِاثْنَيْنِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>