للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْأَوْلَى الْمُتَابَعَةُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ نَعَمْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ لَا يَشْتَغِلُ بِسُنَّةٍ بَعْدَ التَّحَرُّمِ كَالِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ إلَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْفَاتِحَةَ بِكَمَالِهَا قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ أَنَّهُ هُنَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْفَاتِحَةَ بِكَمَالِهَا قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ سُنَّ لَهُ التَّخَلُّفُ لِلْإِتْمَامِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِي الْقُنُوتِ فَإِنْ قُلْت: إذَا تَخَلَّفَ لِلْإِتْمَامِ فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُوَافِقِ أَوْ الْمَسْبُوقِ قُلْت إذَا تَخَلَّفَ لِذَلِكَ فَإِنْ أَدْرَكَ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ مِنْ قِرَاءَةِ نَفْسِهِ فَهُوَ الْمُوَافِقُ فَيَتَخَلَّفُ لِإِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ مَا لَمْ يُسْبَقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ فَهُوَ كَالْمَسْبُوقِ فَيَقْرَأُ بِقَدْرِ مَا فَوَّتَ نَظِيرُ مَا لَوْ اشْتَغَلَ الْمَسْبُوقُ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ بِجَامِعِ تَقْصِيرِ كُلٍّ بِاشْتِغَالِهِ بِسُنَّةٍ عَنْ فَرْضِ الْمُتَابَعَةِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْفَاتِحَةُ كُلُّهَا مُطْلَقًا فَيَتَخَلَّفُ لَهَا مَا لَمْ يُسْبَقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ ثُمَّ إذَا رَكَعَ الْإِمَامُ وَعَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِمَّا لَزِمَهُ فَإِنْ أَتَمَّهُ وَأَدْرَكَ الرُّكُوعَ بِشَرْطِهِ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهَا فَإِنْ فَرَغَ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْهُوِيِّ لِلسُّجُودِ وَافَقَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَفَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ فَإِنْ رَكَعَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ أَرَادَ الْإِمَامُ الْهُوِيَّ لِلسُّجُودِ وَبَقِيَتْ عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ فَقَدْ تَعَارَضَ فِي حَقِّهِ وَاجِبَانِ إكْمَالُ مَا فَوَّتَهُ وَمُتَابَعَةُ الْإِمَامِ وَلَا مُخَلِّصَ لَهُ عَنْ ذَلِكَ إلَّا بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ فَتَلْزَمُهُ، هَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُشْتَغِلَ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ غَيْرُ مَعْذُورٍ، وَهُوَ مَا عَلَيْهِ جَمْعٌ مُحَقِّقُونَ، وَقَالَ آخَرُونَ: إنَّهُ مَعْذُورٌ فَيَتَخَلَّفُ بِثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ، وَيُدْرِكُ الرَّكْعَةَ كَالْمُوَافِقِ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَمَّنْ نَقَلَ تَسْبِيحَ الرُّكُوعِ إلَى السُّجُودِ أَوْ عَكَسَ هَلْ يُسَنُّ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ لِذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَوْ لَا فَرْقَ إلَّا فِي الْأَعْلَى وَالْعَظِيمِ أَوْ لَا وَلَوْ كَرَّرَ الْفَاتِحَةَ مَرَّتَيْنِ هَلْ يُسَنُّ لَهُ السُّجُودُ كَمَا فِي الْعُبَابِ وَغَيْرِهِ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَمَا الْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ، وَمَنْ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَهَلْ يَطَّرِدُ ذَلِكَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الَّذِي بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ نَقْلَ التَّسْبِيحِ يَقْتَضِي السَّهْوَ، وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا سُجُودَ لِنَقْلِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهَا لَكِنْ كَلَامُ الْكِفَايَةِ يَقْتَضِي السُّجُودَ وَبِأَنَّهُ لَا يُقَاسُ نَقْلُ نَحْوِ التَّسْبِيحِ عَلَى نَقْلِ نَحْوِ الْقُنُوتِ؛ لِأَنَّ الْأَبْعَاضَ آكَدُ مِنْ بَقِيَّةِ السُّنَنِ، وَإِنَّمَا أُلْحِقَتْ السُّورَةُ بِالْفَاتِحَةِ لِتَأَكُّدِهَا وَشِبْهِهَا بِهَا اهـ.

وَلَمَّا ذَكَرْت ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قُلْت عَقِبَهُ: قَدْ تَتَبَّعْت مَا نُقِلَ عَنْ الْمَجْمُوعِ فِي مَظَانِّهِ فَلَمْ أَرَهُ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي عِنْدِي فَإِنْ وُجِدَ فِيهِ فَلَا كَلَامَ، وَإِلَّا فَالْأَوْجَهُ مَا مَرَّ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ فَنَقْلُ أَذْكَارِ الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ إلَى غَيْرِ مَحَالِّهَا الْمَطْلُوبَةِ فِيهِ يَقْتَضِي سُجُودَ السَّهْوِ، وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقِيَامَ مَحَلُّ التَّسْبِيحِ فِي الْجُمْلَةِ بِدَلِيلِ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ وَالِافْتِتَاحِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ. . . إلَخْ وَلَا كَذَلِكَ الْقِرَاءَةُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ أَوْ بَدَلَهُ فَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي نَقْلِ التَّسْبِيحِ الْمُخْتَصِّ بِمَحَلٍّ كَسُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ فِي الرُّكُوعِ، وَسُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى فِي السُّجُودِ مَثَلًا، وَالْقِيَامُ لَيْسَ مَحَلًّا لِذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ التَّسْبِيحِ خَارِجَةٌ عَنْ الْقِيَاسِ، وَمُخْتَلَفٌ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا وَيُبْطِلُ مَا ذَكَرَهُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْقُنُوتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ بِنِيَّتِهِ مُقْتَضٍ لِلسُّجُودِ مَعَ أَنَّ الْقِيَامَ مَحَلٌّ لِلدُّعَاءِ فِي الْجُمْلَةِ فِي دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّقْيِيدِ فِي هَذِهِ بِالنِّيَّةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي نَقْلِ نَحْوِ التَّسْبِيحِ مِنْ أَنَّهُ يَنْوِي بِهِ أَنَّ هَذَا تَسْبِيحٌ نَحْوُ الرُّكُوعِ كَالْقُنُوتِ بَلْ أَوْلَى ثُمَّ رَأَيْت الْفَتَى وَشَيْخَنَا زَكَرِيَّا رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. بَحَثَا ذَلِكَ وَسَوَاءٌ فِي نَقْلِ مَا مَرَّ النَّقْلُ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِتَرْكِهِ التَّحَفُّظَ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ فَرْضِهَا وَنَفْلِهَا أَمْرًا مُتَأَكَّدًا كَتَأَكُّدِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ اهـ الْمَقْصُودُ مِنْ عِبَارَةِ شَرْحِ الْعُبَابِ وَمِنْهَا يُعْلَمُ أَنَّ نَقْلَ تَسْبِيحِ الرُّكُوعِ الْمُخْتَصِّ بِهِ إلَى السُّجُودِ بِنِيَّةِ كَوْنِهِ تَسْبِيحَ الرُّكُوعِ وَعَكْسِهِ يَقْتَضِي السُّجُودَ لِتَرْكِهِ التَّحَفُّظَ الْمَذْكُورَ، وَخَرَجَ بِقَوْلِي: الْمُخْتَصِّ مَا اشْتَرَكَ فِيهِ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ نَقْلٌ؛ لِأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْهُ فِي أَحَدِهِمَا يَقَعُ فِي مَحَلِّهِ.

وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْضًا أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ أَيْضًا فِي تَكْرِيرِ الْفَاتِحَةِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الرَّافِعِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>