للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِبَارَةُ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِعُلُومِهِ بِمَا لَفْظُهُ قَالَ الْأَئِمَّةُ فِي زَكَاةِ النَّقْدَيْنِ لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ مُكَسَّرٍ عَنْ صَحِيحٍ وَيُجْزِئُ عَكْسُهُ قَالَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا مَحَلُّ ذَلِكَ فِي النَّقْدِ الْخَالِصِ كَمَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْإِطْلَاقُ أَمَّا الْمَغْشُوشُ كَالسَّوْدِ فَيُجْزِئُ الْمُكَسَّرُ عَنْ الصَّحِيحِ وَعَكْسُهُ وَلَوْ رَاجَ أَحَدُهُمَا فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي يَظْهَرُ كَمَا جَرَيْت عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِمْ لَا يُجْزِئُ الْمُكَسَّرُ عَنْ الصَّحِيحِ إذَا نَقَصَتْ قِيمَةُ الْمُكَسَّرِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فَإِنْ فُرِضَ اسْتِوَاؤُهُمَا اتَّجَهَ الْإِجْزَاءُ وَيُؤَيِّدُهُ جَعْلُ بَعْضِهِمْ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ هُنَا مَعْلُومًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يُجْزِئُ الْأَدْنَى عَنْ الْأَعْلَى فَأَفْهَمَ هَذَا أَنَّ سَبَبَ عَدَمِ إجْزَاءِ الْمُكَسَّرِ نَقْصُ قِيمَتِهِ لَا غَيْرُ وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ اتَّضَحَ فَسَادُ التَّقْيِيدِ بِالنَّقْدِ الْخَالِصِ وَبَيَانُهُ أَنَّ الْمُكَسَّرَ وَالصَّحِيحَ إذَا كَانَا مَغْشُوشَيْنِ اُشْتُرِطَ أَنْ يَبْلُغَ خَالِصُ الْمَغْشُوشِ مِنْهُمَا نِصَابًا يَقِينًا وَأَنْ يُخْرِجَ عَنْهُمَا خَالِصًا أَوْ مَغْشُوشًا خَالِصُهُ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ يَقِينًا وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا بِالنُّحَاسِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ حَالَةُ الرَّوَاجِ وَحَالَةُ عَدَمِهِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا هُوَ الْوَاجِبُ فَلَمْ تَبْقَ الْعِلَّةُ فِي عَدَمِ إجْزَاءِ الْمُكَسَّرِ عَنْ الصَّحِيحِ إلَّا مَا ذَكَرْته مِنْ نَقْصِ قِيمَةِ الْمُكَسَّرِ فَإِنْ نَقَصَتْ لَمْ يَجُزْ عَنْ الصَّحِيحِ سَوَاءٌ كَانَا مَغْشُوشَيْنِ أَوْ خَالِصَيْنِ أَمْ أَحَدُهُمَا صَحِيحًا وَالْآخَرُ خَالِصًا، وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ أَجْزَأَ كَذَلِكَ فَلَا مَدْخَلَ لِلْغِشِّ وَالْخُلُوصِ فِي ذَلِكَ بِوَجْهٍ فَتَأَمَّلْهُ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَمَّنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ إنْسَانٍ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَهُوَ فِي بَلَدٍ وَالْغَرِيمُ فِي بَلَدٍ آخَرَ هَلْ يَجِبُ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ فِي بَلَدِ الدَّائِنِ أَمْ الْمَدِينِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْعِبْرَةُ فِي هَذَا بِبَلَدِ الْمَدِينِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَتَخَيَّرُ فِي إخْرَاجِهَا بِأَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ وَبَيَّنْت مَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَمَّنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَأَعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ مِنْ حِصَّةِ الْغَارِمِينَ وَأَخْرَجَهُ فِي غَيْرِ الدَّيْنِ هَلْ تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمَالِكِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ اكْتَسَبَ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ صَرْفُ مَا أَخَذَهُ فِيهِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ كَمَا حَرَّرْتُهُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْآخِذِ، وَأَمَّا الْمَأْخُوذُ مِنْهُ فَيَبْرَأُ بِقَبْضِ الْغَارِمِ، وَإِنْ لَمْ يَصْرِفْهُ فِي دَيْنِهِ عَلَى احْتِمَالٍ فِيهِ ذَكَرْتُهُ ثَمَّ.

[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ قَوْلِهِمْ فِي الْفِطْرَةِ أَنَّ الْأَبَ يُقَدَّمُ عَلَى الْأُمِّ عَكْسُ النَّفَقَةِ وَفَرَّقُوا هُنَاكَ بِأَنَّ الْفِطْرَةَ هُنَا لِتَطْهِيرِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ وَتَشْرِيفِهِ وَالْأَبُ أَحَقُّ بِهَذَا قَالُوا وَهَذَا الْفَرْقُ مَنْقُوضٌ بِتَقْدِيمِهِمْ الْوَلَدَ الصَّغِيرَ عَلَى الْأَبَوَيْنِ وَهُمَا أَشْرَفُ مِنْهُ فَمَا يَكُون تَوْجِيهُ هَذَا الْفَرْقِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنِّي أَجَبْت عَنْ الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ فِي الشَّرْحِ السَّابِقِ ذِكْرُهُ وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ أَبَاهُ وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ ثُمَّ أُمُّهُ كَذَلِكَ عَكْسُ النَّفَقَةِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّهَا لِلْحَاجَةِ وَالْأُمُّ أَحْوَجُ، وَأَمَّا الْفِطْرَةُ فَلِلتَّطْهِيرِ وَالشَّرَفِ وَالْأَبُ أَوْلَى بِهَذَا فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَيَشْرُفُ بِشَرَفِهِ وَمُرَادُهُمْ بِأَنَّهَا كَالنَّفَقَةِ فِي أَصْلِ التَّرْتِيبِ لَا كَيْفِيَّتِهِ اهـ وَأَبْطَلَ الْإِسْنَوِيُّ هَذَا الْفَرْقَ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ هُنَا عَلَى الْأَبَوَيْنِ وَهُمَا أَشْرَفُ مِنْهُ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِهِمْ الْحَاجَةِ فِي الْبَابَيْنِ اهـ وَيُرَدُّ بِأَنَّا لَا نَعْتَبِرُ الشَّرَفَ مُرَجَّحًا إلَّا مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ كَمَا فِي الْأَبِ وَالْأُمِّ إذْ هُوَ فِيهِمَا الْوِلَادَةُ وَهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِيهَا بِخِلَافِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَوٍ مَعَهُمَا فِي ذَلِكَ بَلْ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ أَحْوَجُ فَلَا نَظَرَ إلَى الشَّرَفِ وَعَدَمِهِ حِينَئِذٍ فَجَزْمُ الْإِسْعَادِ وَغَيْرِهِ بِمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِيهِ نَظَرٌ ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ أَيْ الْجَوْجَرِيَّ رَدَّ عَلَيْهِ بِنَحْوِ مَا ذَكَرْتُهُ انْتَهَتْ عِبَارَةُ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي الْجَوَابِ عَمَّا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ.

نَعَمْ قَدْ يَرُدُّ عَلَى فَرْقِ الْمَجْمُوعِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْأَبَ لِلْأُمِّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأُمِّ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مَنْسُوبًا إلَيْهِ وَلَا يَشْرُفُ بِشَرَفِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي مَوَاضِعَ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْأَبَ لِلْأُمِّ وَالْأُمَّ اتَّحَدَتْ جِهَتُهُمَا وَكُلُّ جِهَةٍ اتَّحَدَتْ ذُكُورُهَا أَشْرَفُ مِنْ إنَاثِهَا فَأَبُو الْأُمِّ أَشْرَفُ مِنْهَا فَقُدِّمَ عَلَيْهَا فَمُطْلَقُ الشَّرَفِ هُنَا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمَدَارُ، وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَيَشْرُفُ بِشَرَفِهِ خَاصٌّ بِالْأَبِ حَقِيقَةً فَفِي فَرْقِهِ قُصُورٌ عَنْ إفَادَةِ وَجْهِ تَقْدِيمِ أَبِي الْأُمِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>