للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَرْق الَّذِي ذَكَره الْبُلْقِينِيُّ وَقَوْله فَإِنْ فُرِضَ إلَخْ لَا حَاجَة بِنَا إلَيْهِ فَإِنَّا بَيَّنَّا أَنَّ الْكَلَامَ فِي صُبْرَةٍ لَمْ تَحْصُل فِيهَا زِيَادَة وَأَمَّا مَعَ ذَلِكَ فَنَظِيرَة مَسْأَلَتنَا وَمِنْهَا أَنَّهُ قَالَ أَيْضًا وَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ الْقِيَاس عَلَى الْقَتِّ لَا يَسْتَقِيم فَإِنَّ الزِّيَادَة فِي الْقَتِّ مِنْ عَيْنه بِخِلَافِ الْمَاءِ وَالصُّبْرَةِ الَّتِي يَنْزِل عَلَيْهَا شَيْء آخَر فَإِنَّ الزِّيَادَة مِنْ غَيْر ذَلِكَ وَأَيْضًا فَقَدْ تَكُون الزِّيَادَة فِي الْقَتِّ كَثِيرَة.

وَقَدْ أَطْلَقُوا ثُبُوت الْخِيَار لِلْبَائِعِ فِي صُورَة الْقَتِّ وَلَا يَأْتِي مِثْل ذَلِكَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ إنَّمَا يَثْبُت الْخِيَار لِلْمُشْتَرِي اهـ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ الَّذِي لَا يَسْتَقِيم لِأَنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يَقْصِد التَّشْبِيه بَيْنهمَا إلَّا مِنْ حَيْثُ إنَّ الزِّيَادَة فِي كُلّ مِنْ الْقَتِّ وَالْمَاء الْمَذْكُور قَلِيلَة تَافِهَة لَا يُنْظَر إلَيْهَا فِي الْغَالِب سَوَاء كَانَ مِنْ الْعَيْن أَوْ مِنْ شَيْء مُمَاثِل لِتِلْكَ الْعَيْن فَانْدَفَعَ نَظَرُهُ لِذَلِكَ فِي الْفَرْق لِأَنَّهُ لَا يَرْتَبِط بِهِ هُنَا كَبِيرُ مَعْنَى وَقَوْله قَدْ تَكُون الزِّيَادَة فِي الْقَتِّ كَثِيرَة يُرَدّ بِأَنَّ الْكَلَام إنَّمَا هُوَ فِي الْغَالِب وَفِيمَا مِنْ شَأْنه وَمِنْ شَأْنهَا فِي الْقَتِّ وَالْغَالِب فِيهَا فِيهِ أَنَّهَا قَلِيلَة فَلَا يُنْظَر إلَى أَنَّهَا قَدْ تَكْثُر وَمِنْهَا أَنَّهُ قَالَ أَيْضًا وَقَوْل الرَّوْضَةِ كَمَا لَوْ بَاعَ صَاعًا مِنْ صُبْرَة وَصَبَّ عَلَيْهَا صُبْرَة أُخْرَى فَإِنَّ الْبَيْع بِحَالِهِ قِيَاسٌ مَرْدُود فَإِنَّ الْبَيْع وَقَعَ عَلَى الصَّاع مِنْ الصُّبْرَةِ قَبْل الِاخْتِلَاط فَصَحَّ وَفِي صُورَة الْمَاء وَنَحْوهَا وَقَعَ الْبَيْعُ مُقَارَنًا لِلِاخْتِلَاطِ فَلَمْ يَصِحّ اهـ وَمَا زَعَمَهُ مِنْ أَنَّ الْقِيَاسَ مَرْدُود لَيْسَ فِي مَحَلّه بَلْ هُوَ مَقْبُول فَإِنَّ حُدُوث الْخَلْط وَلَوْ فِي مَجْلِس الْبَيْع لَا يَمْنَع صِحَّته مِنْ أَنَّ الْوَاقِع فِي الْمَجْلِس حُكْمه حُكْم الْوَاقِع فِي الْعَقْد فَكَذَلِكَ مُقَارَنَته لِلْبَيْعِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَاءِ لَا تَمْنَعُهُ وَمِنْهَا أَنَّهُ اعْتَرَضَ قَوْل الرَّوْضَةِ.

وَيَبْقَى الْمَبِيع مَا بَقِيَ صَاعٌ مِنْ الصُّبْرَة بِأَنَّهَا إنْ عُلِمَتْ صِيعَانهَا لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ فَتَنْزِيل الْبَيْع عَلَى الْإِشَاعَة هُوَ الْمَذْهَب فَإِذَا تَلِفَ مِنْ الصُّبْرَة شَيْء تَلِفَ بِقَدْرِهِ مِنْ الْمَبِيع وَإِنْ حُمِلَ مَا ذُكِرَ عَلَى أَنْ تَكُونَ الصِّيعَان مَجْهُولَة فَقَدْ حَصَلَ الِاخْتِلَاط فَإِذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا صَاع مِنْ الْمُخْتَلَط فَكَيْف يَبْقَى الْبَيْعُ فِيهِ وَبَعْضه غَيْر مَبِيعٍ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْو هَذَا ابْنُ النَّقِيبِ فَقَالَ وَقَوْل الرَّوْضَةِ وَيَبْقَى الْمَبِيعُ مَا بَقِيَ صَاعٌ مِنْ الصُّبْرَة إنَّمَا يَأْتِي إذَا قُلْنَا إنَّ الْبَيْعَ يَنْزِل عَلَى صَاع مُبْهَم لِأَنَّهُ مُشَاع اهـ وَمِنْهَا أَنَّهُ قَالَ وَقَوْل الرَّوْضَةِ وَلَوْ بَاعَ الْمَاء مَعَ قَرَاره نَظَرَ إنْ كَانَ جَارِيًا إلَخْ فَقَالَ وَهُوَ كَلَامٌ غَيْرُ مُسَلَّم فِي صُورَة الْجَارِي فَإِنَّ مُجَرَّد الْجَرَيَان لَا يَقْتَضِي بُطْلَان بَيْع الْمَاء تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الْمَاء الْمَذْكُور مَمْلُوك إذَا كَانَ الْجَرَيَان يَنْتَهِي إلَى مَقْطَع بِحَيْثُ يُمْكِن الِاسْتِيلَاء عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ يَنْتَهِي إلَى نُزُول فِي بَحْر وَنَحْوه فَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَصِحّ الْبَيْع فِيهِ وَمَا نَزَلَ مِنْهُ فِي الْبَحْر كَتَلَفِ بَعْض الْمَبِيع قَبْل الْقَبْض اهـ وَقَوْله إنَّ ذَلِكَ غَيْر مُسَلَّم لَا يُلْتَفَت إلَيْهِ لِمَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ وَقَوْله مُجَرَّد الْجَرَيَان إلَخْ مَمْنُوع لِمَا مَرَّ مِنْ الْجَهْل بِقَدْرِهِ وَعَدَمِ إمْكَان تَسْلِيمه وَكَوْنِهِ يَنْتَهِي إلَى مَقْطَع يُمْكِن الِاسْتِيلَاء عَلَيْهِ لَا يُنْظَر إلَيْهِ لِنُدْرَةِ إمْكَان ذَلِكَ.

وَدَعْوَاهُ أَنَّ مَا تَلِفَ بِنُزُولِهِ إلَى بَحْر كَتَلَفِ بَعْض الْمَبِيع قَبْل الْقَبْض غَيْر صَحِيحَة لِأَنَّ الصُّورَة فِي تَلَف الْمَبِيع قَبْل الْقَبْض أَنَّهُ كَانَ تَسْلِيمه قَبْل تَلَفِهِ مَقْدُورًا عَلَيْهِ حِين الْبَيْع بِخِلَافِهِ هُنَا فَكَيْف يُقَاس مَا يَصِحّ بَيْعه عَلَى مَا لَا يَصِحّ بَيْعه قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَقِب قَوْل الرَّوْضَةِ وَأَصْلهَا وَلَا يَجُوز بَيْع مَاء الْبِئْر وَالْقَنَاة فِيهِمَا لِأَنَّهُ مَجْهُول لَا خَفَاء أَنَّ هَذَا فِي الْبِئْر النَّابِعَة أَمَّا لَوْ كَانَتْ صِهْرِيجًا يَجْمَع مَاء الْمَطَر أَوْ يَسُوق الْمَاء إلَيْهَا مِنْ نَهْرٍ وَنَحْوه فَمَاؤُهَا كَالْمَاءِ فِي إنَاء إذَا عُلِمَ عُمْقهَا وَسِعَتهَا عُلُوًّا وَسُفْلًا اهـ وَمَا يَدْخُل مِنْ الْمَاء الْمُبَاحِ فِي مِلْك إنْسَان لَا يَمْلِكهُ بِدُخُولِهِ فِي الْأَصَحّ فَمَنْ أَخَذَهُ مَلَكَهُ وَإِنْ حُرِّمَ عَلَيْهِ دُخُول مِلْك الْغَيْر لِأَجْلِهِ وَقَالَ الْإِمَامُ يَمْلِك مَا يَدْخُل فِي نَهْره وَقَنَاته عَلَى الْأَصَحّ وَهُوَ ضَعِيف وَقَدْ تَنَاقَضَ كَلَام الْإِمَامِ وَتَبِعَهُ الشَّيْخَانِ فَقَالَ هُنَا إنْ تَوَحَّلَ الصَّيْد فِي أَرْض لَهُ سَقَاهَا لَا يَقْتَضِي الْمِلْك وَإِنْ قَصَدَهُ وَقَالَ فِي كِتَاب الصَّيْد يَمْلِكهُ إنْ قَصَدَهُ وَجَمَعَ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ نَفْس التَّوَحُّل لَا يَقْتَضِي الْمِلْك.

وَإِنْ قَصَدَ التَّمَلُّك وَمَا هُنَا فِيمَا إذَا قَصَدَ بِسَقْيِ الْأَرْض تَوَحُّله فَيَمْلِك بِهِ قَطْعًا أَيْ كَمَا يَمْلِك الْمَاء هُنَا بِالْحَفْرِ وَبِمَا تَقَرَّرَ يَعْلَم أَنَّ مَا يَدْخُل مِنْ السَّيْل إلَى صَهَارِيج جَدَّةَ وَغَيْرهَا لَا يَمْلِكهُ أَرْبَابهَا وَلَا يَصِحّ بَيْعهمْ لَهُ وَإِنَّمَا يَصِيرُونَ أَحَقّ بِهِ فَقَطْ وَإِنْ حَفَرُوا لَهُ مَشَارِب وَأَعَدُّوهَا حَتَّى إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>