للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّخَايُرَ بِمَثَابَةِ التَّفَرُّقِ يَقْتَضِي أَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ وَقَائِمٌ مَقَامَهُ وَمُسْتَقِلٌّ بِتَرَتُّبِ الْبُطْلَانِ عَلَيْهِ كَمَا تَرَتَّبَ الْبُطْلَانُ عَلَى التَّفَرُّقِ وَإِلَّا لَكَانَ الْمُقْتَضِي لِلْبُطْلَانِ إنَّمَا هُوَ التَّفَرُّقُ وَجُعِلَ التَّخَايُرُ بِمَثَابَتِهِ لَغْوًا لَا فَائِدَةَ لَهُ. الرَّابِعُ أَنَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ حَكَى الْبُطْلَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ مُقْتَرِنًا بِالْوَجْهَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَوْجُهَ الثَّلَاثَةَ وَارِدَةٌ عَلَى صُورَةٍ وَاحِدَةٍ فَجَعَلَ الْبُطْلَانَ فِي صُورَةٍ. وَالْآخَرَيْنِ فِي أُخْرَى تَصَرُّفًا مُخَالِفًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ اهـ وَلِبَعْضِ هَذِهِ الِاعْتِرَاضَاتِ اتِّجَاهٌ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَعْتَمِدَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَيُضَعِّفَ غَيْرَهُ وَلَا يُصَارُ إلَى الْحَمْلِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِمَّا ذَكَرَ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ بَاعَ شَاةً فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ بِمِثْلِهَا أَوْ بِلَبَنٍ أَوْ دَجَاجَةً فِيهَا بَيْضَةٌ بِمِثْلِهَا أَوْ بَيْضَةً لَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِ دَارٍ فِيهَا بِئْرُ مَاءٍ بِمِثْلِهَا فَمَا الْفَرْقُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَاءَ لَيْسَ مَقْصُودًا مَعَ الدَّارِ بِوَجْهٍ بَلْ هُوَ تَابِعٌ لَهَا بِخِلَافِ اللَّبَنِ وَالْبَيْضَةِ فَإِنَّهُمَا مَقْصُودَانِ مَعَ الشَّاةِ وَالدَّجَاجَةِ فَكَانَا مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِهَا أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِمَّا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ مَقْصُودًا لَا تَابِعًا.

(وَسُئِلَ) عَنْ قِشْرِ الْبُنِّ هَلْ هُوَ رِبَوِيٌّ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ غَيْرُ رِبَوِيٍّ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الرِّبَوِيِّ مِنْ أَنْ يَكُونَ يُعَدُّ لِلْأَكْلِ عَلَى هَيْئَتِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَا رِبًا فِي الْحَيَوَانِ. وَإِنْ جَازَ بَلْعُهُ كَصِغَارِ السَّمَكِ وَلَا فِي حَبِّ الْكَتَّانِ وَدُهْنِهِ وَلَا فِي نَحْوِ الْوَرْدِ وَمَائِهِ وَالْعُودِ لِأَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا لَا تُعَدُّ لِلْأَكْلِ عَلَى هَيْئَتِهَا وَلَا شَكَّ أَنَّ قِشْرَ الْبُنِّ أَوْلَى مِنْ هَذِهِ بِكَوْنِهِ غَيْرَ رِبَوِيٍّ لِأَنَّ بَعْضَ هَذِهِ يُتَنَاوَلُ عَلَى حَالَتِهِ وَأَمَّا قِشْرُ الْبُنِّ فَلَا يُتَنَاوَلُ عَلَى حَالَتِهِ أَصْلًا فَلَا يُعَدُّ مَطْعُومًا.

(وَسُئِلَ) قَالُوا فِي قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُ السِّمْسِمِ بِالشَّيْرَجِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا الْمُقَابِلُ لِلْآخَرِ ضِمْنِيٌّ بِخِلَافِ السِّمْسِمِ بِالسِّمْسِمِ، لِأَنَّ الشَّيْرَجَ ضِمْنِيٌّ فِي الْجَانِبَيْنِ فَلَا يُؤَثِّرُ وَقَالُوا فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ نَحْوِ مُدٍّ وَدِرْهَمٍ بِمُدٍّ وَدِرْهَمٍ لَوْ تَسَاوَتْ قِيمَةُ الْمُدِّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ يَعْتَمِدُ التَّخْمِينَ وَهُوَ حَزْرٌ قَدْ يَخْطَأُ وَالْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ كَحَقِيقَةِ الْمُفَاضَلَةِ وَيَشْكُلُ عَلَى هَذَا مَا قَالُوهُ فِي بَيْعِ صِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ مِنْ فِضَّةٍ بِصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ مِنْ فِضَّةٍ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ بِشَرْطِ أَنْ تَنْقُصَ الْمُكَسَّرَةُ عَنْ قِيمَةِ الصِّحَاحِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَاوَتْ الْمُكَسَّرَةُ قِيمَةَ الصِّحَاحِ فَنَظَرُوا إلَى تُسَاوِي الْقِيَمِ هُنَا أَيْضًا مَعَ أَنَّ ذَلِكَ تَخْمِينٌ قَدْ يَخْطَأُ فَالْجَوَابُ.

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنَّمَا فَعَلُوا ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ لَمَّا اتَّحَدَ نَوْعُهُمَا كَانَ الْأَصْلُ جَوَازَ بَيْعِهِمَا بِمِثْلِهِمَا مُطْلَقًا لَكِنْ لَمَّا اخْتَلَفَتْ الْقِيمَةُ صَارَتْ الْمُكَسَّرَةُ بِصِفَةٍ غَيْرِ صِفَةِ الصَّحِيحَةِ فَنَزَلَ اخْتِلَافُ صِفَتَيْهِمَا مَنْزِلَةَ اخْتِلَافِ جِنْسِهِمَا أَوْ نَوْعِهِمَا وَلَا نَظَرَ لِاخْتِلَافِ صِفَتِهِمَا مَعَ الِاتِّحَادِ فِي الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ لَا يَرْتَبِطُ بِهِ أَثَرٌ إلَّا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْأَغْرَاضَ قَدْ تَتَفَاوَتُ فِي ذَلِكَ وَلَا نَظَرَ إلَيْهِ هُنَا وَأَيْضًا فَالتَّسَاوِي هُنَا يَمْنَعُ تَوْزِيعَ مَا فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ لِاتِّحَادِ النَّوْعِ وَالصِّفَةِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ فَإِنَّ الْعَقْدَ مُشْتَمِلٌ عَلَى جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفِينَ وَذَلِكَ يَقْتَضِي التَّوْزِيعَ وَإِنْ فُرِضَ تَسَاوِي قِيمَةِ الشَّيْئَيْنِ وَالتَّوْزِيعِ مُحَقِّقٌ لِلْمُفَاضَلَةِ أَوْ الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ.

(وَسُئِلَ) بِمَا لَفْظُهُ صَحَّحَ الشَّيْخَانِ هُنَا صِحَّةُ بَيْعِ دَارٍ بِهَا مَعْدِنٌ ذَهَبٌ بِذَهَبٍ وَخَالَفَاهُ فِي مَحِلٍّ آخَرَ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا جُهِلَ الْمَعْدِنَ حَالَةَ الْبَيْعِ وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُبْطِلَ هُنَا هُوَ التَّوْزِيعُ بِالْكَيْفِيَّةِ الَّتِي قَرَّرُوهَا وَحَيْثُ جَهِلَاهُ كَانَ تَابِعًا بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمَقْصُودِ مِنْ الدَّارِ فِي ظَنِّهِمَا فَلَمْ يَشْتَمِلْ شَيْءٌ مِنْ طَرَفِي الْعَقْدِ عَلَى مَالَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي ظَنِّهِمَا حَتَّى يَتَأَتَّى التَّوْزِيعُ، ثُمَّ هَلْ يَلْحَقُ جَهْلَ الْمُشْتَرِي فَقَطْ لِأَنَّهُ تَابِعٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى ظَنِّهِ أَوْ لَا لِتَحَقُّقِ مُقْتَضَى التَّوْزِيعِ بِالنِّسْبَةِ لِظَنِّ الْبَائِعِ فَلَا يُتْرَكُ لِقَضِيَّةِ ظَنِّ الْمُشْتَرِي كُلُّ مُحْتَمَلٍ وَلِلنَّظَرِ فِي الْأَقْرَبِ مِنْهُمَا مَجَالٌ وَالثَّانِي أَقْرَبُ لِلْجَهْلِ السَّابِقِ فَتَرْجِيحُهُ غَيْرُ بَعِيدٍ.

(وَسُئِلَ) بِمَا لَفْظُهُ هَلْ يَقُومُ الْقَبْضُ التَّقْدِيرِيُّ فِي الرِّبَوِيَّيْنِ بِأَنْ يَمْضِيَ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَى الْعَيْنَيْنِ الْغَائِبَتَيْنِ عَنْ الْمَجْلِسِ مَقَامَ الْحَقِيقِيِّ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>