للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَيْهِ جَمِيعَ قِيمَةِ الْبَذْرِ وَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ وَلَا قِيَاسَ يُعَضِّدُهُ بَلْ الْوَجْهُ مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الْأَرْشَ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ نِسْبَةُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَالِحًا لِلْإِنْبَاتِ وَغَيْرِ صَالِحٍ هَذَا إنْ كَانَ عَدَمُ إنْبَاتِهِ لِعَيْبٍ فِيهِ فَإِنْ كَانَ لِنَحْوِ عَارِضٍ فِي الْأَرْضِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَلَوْ جَعَلَا الْإِنْبَاتَ شَرْطًا فِي الْعَقْدِ وَأَرَادَا الصَّلَاحِيَةَ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ أَوْ وُجُودَهُ بِالْفِعْلِ فَسَدَ الْعَقْدُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَعَلَى الْبَائِعِ حِينَئِذٍ رَدُّ الثَّمَنِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْبَذْرِ أَوْ أَقْصَى قِيمَةً.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَدَهَا لَا تَحِيضُ أَوْ يَطُولُ طُهْرُهَا فَهَلْ هُوَ عَيْبٌ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْأَوَّلُ عَيْبٌ إنْ كَانَتْ فِي سِنٍّ تَحِيضُ فِيهِ النِّسَاءُ غَالِبًا وَهُوَ عِشْرُونَ سَنَةً كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَكَذَا الثَّانِي إذَا تَطَاوَلَ طُهْرُهَا بِحَيْثُ جَاوَزَ الْعَادَةَ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ.

(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً ثُمَّ رَأَى فِيهَا عَيْبًا يُمْكِنُ حُدُوثُهُ وَقِدَمُهُ فَاخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَمَنْ الْمُصَدَّقُ مِنْهُمَا وَهَلْ يَكْفِي قَوْلُ الْبَائِعِ لَا أَعْلَمُ فِيهَا عَيْبًا وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَوْ لَا وَهَلْ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْيَمِينُ أَنَّهُ وَقْتَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ لَمْ يُقَصِّرْ فِي الرَّدِّ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْمُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ هُوَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ لَكِنْ لَا يَكْفِي قَوْلُهُ فِي الْجَوَابِ وَالْحَلِفِ مَا عَلِمْت بِهَذَا الْعَيْبِ عِنْدِي وَيَكْفِي فِيهِمَا لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ الرَّدُّ بِهِ أَوْ مَا أَقْبَضْتُهُ إلَّا سَلِيمًا أَوْ أَقَبَضْتُهُ وَمَا بِهِ مِنْ عَيْبٍ وَلَا يُمْكِنُ فِي الْأَخِيرَةِ مِنْ الْحَلِفِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الرَّدَّ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ فِي الْجَوَابِ لَيْسَ بِقَدِيمٍ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ فَيَقُولُ لَقَدْ بِعْته وَمَا بِهِ هَذَا الْعَيْبُ وَإِذَا أَجَابَ جَوَابًا صَحِيحًا وَحَلَفَ حَلِفًا صَحِيحًا لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُشْتَرِي عَلَيْهِ رَدٌّ فَإِنْ قُدِّرَ ثُبُوتُ رَدٍّ لَهُ فَقَالَ الْبَائِعُ لَقَدْ قَصَّرْتَ فِي الرَّدِّ عَلَى الْفَوْرِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ وَثَبَتَ لَهُ الرَّدُّ.

(وَسُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ فِي الْعُمُومِ فِي الْمِلْكِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَصْبٍ وَسَوْمٍ الْوَدِيعَةٍ إذَا تَعَدَّى عَلَيْهَا أَمْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْمِلْكِ فَقَطْ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمُتَضَمِّنِ لِلْعَبْدِ الَّذِي وَجَدَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَيْبًا ثُمَّ رَدَّهُ مِنْ غَيْرِ خَرَاجٍ وَإِذَا قُلْتُمْ يَخْتَصُّ بِالْمِلْكِ فَمَا وَجْهُ التَّخْصِيصِ وَالْحَدِيثُ عَامٌّ فِي الْمِلْكِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَوْ هَلَكَ هَلَكَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ حَدِيثُ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ لَهُ قِصَّةٌ أَشَارَ إلَيْهَا السَّائِلُ وَبِهَا يَتَبَيَّنُ الْمُرَادُ مِنْهُ وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ مِنْ آخَرَ غُلَامًا فَأَقَامَ عِنْدَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَخَاصَمَهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ اسْتَعْمَلَ غُلَامِي فَقَالَ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَمَعْنَاهُ أَنَّ فَوَائِدَ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي فِي مُقَابَلَةِ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ.

وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ الْمَغْصُوبُ وَالْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَوْ تَلِفَ تَحْتَ ذِي الْيَدِ ضَمِنَهُ وَلَيْسَ لَهُ خَرَاجُهُ وَأُجِيبُ عَنْهُمَا بِأَنَّ الضَّمَانَ هُنَا مُعْتَبَرٌ بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ الضَّمَانُ الْمَعْهُودُ فِي الْخَبَرِ وَوُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى ذِي الْيَدِ فِيمَا ذُكِرَ لَيْسَ لِكَوْنِهِ مِلْكَهُ بَلْ لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ بِطَرِيقٍ مُضَمِّنٍ وَعَنْ الثَّانِي أَيْضًا بِقَصْرِ الْخَبَرِ عَلَى سَبَبِهِ وَهُوَ فِيمَا بَعْدَ الْقَبْضِ فَعُلِمَ الْجَوَابُ عَمَّا قَالَهُ السَّائِلُ وَأَنَّ كُلَّ مَا اسْتَحَقَّ خَرَاجَهُ لِكَوْنِهِ مِلْكَهُ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ لَوْ تَلِفَ فَيَلْزَمُ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْخَرَاجِ الضَّمَانُ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الضَّمَانِ اسْتِحْقَاقُ الْخَرَاجِ فَمَا فِي الْحَدِيثِ مُوجِبَةٌ كُلِّيَّةٌ وَهِيَ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا وَلَا يُرَدَّ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَالْمُوجِبَةُ الْكُلِّيَّةُ لَا يَلْزَمُ انْعِكَاسُهَا كَنَفْسِهَا فَلَا مُبَالَاةَ بِمَا يُرَدُّ عَلَى عَكْسِهَا لِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ إيرَادُهُ إلَّا إنْ قُلْنَا إنَّهَا تَنْعَكِسُ كَنَفْسِهَا دَائِمًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ لِيَظْهَرَ لَك الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ السَّائِلِ فَمَا وَجْهُ التَّخْصِيصِ إلَخْ.

(وَسُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْإِرْشَادِ ثُمَّ كُلُّ مَنْ عَتَقَ وَرَهَنَ إلَى أَنْ قَالَ وَكُلٌّ مِنْ الْبَائِعِ فَسْخٌ وَمِنْ الْمُشْتَرِي إجَازَةٌ هَلْ ذَلِكَ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَمْ لَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى خِيَارِ الشَّرْطِ لِقَوْلِهِ فَإِنْ خُيِّرَا مَعًا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ هُوَ جَارٍ فِي كُلٍّ مِنْ الْخِيَارَيْنِ كَمَا هُوَ جَلِيٌّ لِمَنْ نَظَرَ أَدْنَى نَظَرٍ فِي كَلَامِهِ وَكَلَامِهِمْ وَعَجِيبٌ مِنْ قَوْلِ السَّائِلِ نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ لِقَوْلِهِ فَإِنْ خُيِّرَا مَعًا فَاسْتِدْلَالُهُ بِهَذَا عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ فِي غَايَةِ الْغَرَابَةِ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ لَهُمَا لَا يَتَوَهَّم أَحَدٌ افْتِرَاقَ الْخِيَارَيْنِ فِيهِ وَإِنَّمَا الَّذِي يُتَوَهَّمُ افْتِرَاقُهُمَا فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>