للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بَابُ مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ]

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي رَقِيقٍ اُسْتُوْدِعَ شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَأَتْلَفَهُ فَهَلْ يَتَعَلَّقُ الْغُرْمُ بِذِمَّتِهِ أَوْ رَقَبَتِهِ وَفِيمَا لَوْ جَاءَ أَيْضًا إلَى شَخْصٍ وَقَالَ أَرْسَلَنِي سَيِّدِي لِتُعْطِيَنِي ثَوْبًا مِنْ ثِيَابِك حَتَّى يَرَاهُ لِيَشْتَرِيَهُ فَصَدَّقَهُ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَأَتْلَفَهُ فَهَلْ يَتَعَلَّقُ الْغُرْمُ أَيْضًا بِذِمَّتِهِ أَوْ بِرَقَبَتِهِ فَإِنْ قُلْتُمْ يَتَعَلَّقُ الْغُرْمُ بِرَقَبَتِهِ كَمَا قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ فِي الْأَوَّلِ وَقَاسَ عَلَيْهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ الثَّانِيَةَ فَهُوَ مُشْكِلٌ بِقَوْلِهِمْ لَوْ اشْتَرَى أَوْ اقْتَرَضَ بِلَا إذْنٍ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ أَتْلَفَهُ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِذِمَّتِهِ فَيُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ وَلَمْ يَأْذَنْ وَبِقَوْلِهِمْ ضَابِطُ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالرَّقِيقِ أَنَّهَا إنْ ثَبَتَتْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ أَرْبَابِهَا كَإِتْلَافٍ وَتَلَفٍ بِغَصْبٍ تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ أَوْ بِاخْتِيَارِهِمْ كَمَا فِي الْمُعَامَلَاتِ فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ وَكَسْبِهِ وَمَالِ تِجَارَتِهِ وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّهُ فِي صُورَةِ الِاسْتِيدَاعِ اُسْتُوْدِعَ بِرِضَا الْمُسْتَحِقِّ وَفِي صُورَةِ التَّصْدِيقِ فِي الْإِرْسَالِ دَفَعَ بِرِضَاهُ أَيْضًا فَالْقَصْدُ مَا يَحِلُّ هَذَا الْإِشْكَالَ.

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي يَحِلُّ الْإِشْكَالَ الْمَذْكُورَ أَنَّ الْمَالِكَ تَارَةً يَصْدُرُ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِذْنِ مِنْهُ لَهُ فِي الْإِتْلَافِ بِعِوَضٍ فِي مُقَابَلَتِهِ كَالْبَيْعِ وَالْقَرْضِ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ لِأَنَّ الْمَالِكَ قَدْ صَدَرَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِهَا وَعَلَى أَنَّهُ لَمْ يَطْمَعْ فِي التَّعَلُّقِ بِالرَّقَبَةِ بِوَجْهٍ فَعَامَلْنَاهُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ تَصَرُّفُهُ وَتَارَةً لَا يَصْدُرُ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ إمَّا بِأَنْ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا فِي إتْلَافٍ الْقِنِّ مَالَهُ مَجَّانًا أَوْ صَدَرَ مِنْهُ مَا لَا يَدُلُّ عَلَى الْإِذْنِ مِنْهُ لَهُ فِي الْإِتْلَافِ كَاسْتِيدَاعِهِ إيَّاهُ وَمَا قِيسَ بِهِ مِمَّا ذُكِرَ عَنْ الْقَاضِي فَإِنَّ كُلًّا مِنْ هَذَيْنِ لَمْ يَصْدُرْ مِنْ الْمَالِكِ مَا يَدُلُّ عَلَى إذْنٍ مِنْهُ فِي إتْلَافِهِمَا لَا فِي مُقَابِلٍ وَلَا فِي غَيْرِ مُقَابِلٍ وَإِنَّمَا الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ الرِّضَا بِوَضْعِ الْقِنِّ يَدَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى ظَنِّهِ أَمَانَتُهُ وَهَذَا مُقْتَضٍ لِحِفْظِ الْعَيْنِ وَلِرَدِّهَا كَمَا هِيَ عَلَى مَالِكِهَا فَإِذَا أَتْلَفَهَا الْقِنُّ حِينَئِذٍ تَعَلَّقَ بَدَلُهَا بِرَقَبَتِهِ لِأَنَّهُ جَانٍ عَلَيْهَا وَقَدْ نَقُولُ إنَّ بَدَلَ الْجِنَايَةِ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَتِهِ فَاتَّضَحَ الْفَرْقُ وَزَالَ الْإِشْكَالُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْإِشْكَالِ مِنْ مَزِيدِ الْخَفَاءِ مَا يُوجِبُ اسْتِعْظَامَهُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ السُّؤَالُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ الْعَبِيدِ الَّذِينَ يَخْدِمُونَ أَرْبَابَ الْوِلَايَاتِ وَيُعْلَمُ رِقُّهُمْ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ مَا الْحُكْمُ فِي تَصَرُّفِهِمْ وَإِنْكَاحِهِمْ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مَتَى عُلِمَ رِقُّ قِنٍّ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ مُعَامَلَتُهُ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ حَتَّى يُعْلَمَ أَوْ يُظَنَّ إذْنُ سَيِّدِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ كَانَ مَمْلُوكًا لِفُلَانٍ وَأَعْتَقَهُ فَهَلْ تَجُوزُ مُعَامَلَتُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ مُعَامَلَتُهُ وَلَا نِكَاحُهُ حَتَّى يُعْلَمَ عِتْقُهُ أَوْ إذْنُ السَّيِّدِ لَهُ وَقَدْ أَفْتَى الْبَغَوِيّ فِيمَنْ أَقَرَّ لِسَاكِتٍ بِالرِّقِّ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ بِحُرِّيَّتِهِ لَا يُحْكَمُ بِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُقِرُّ لَهُ حَاضِرًا أَمْ غَائِبًا لِأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ بِهَا ظَاهِرًا وَهُوَ أَعْلَمُ بِحَالِ نَفْسِهِ نَعَمْ إنْ شَهِدَا بِأَنَّ الْمُقِرَّ لَهُ أَعْتَقَهُ قَبْلًا وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مُقِرًّا بِالرِّقِّ لِأَنَّهُ لَا تَنَافِي وَلِأَنَّ بَيِّنَةَ الْعِتْقِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ الرِّقِّ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ السَّلَمِ]

(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ تَعْمَلُ لِي غِرَارَتَيْنِ مِنْ غَسُولٍ بِخَمْسِينَ نِصْفِ فِضَّةٍ فَقَالَ لَهَا نَعَمْ وَقَبَضَ مِنْهَا الْخَمْسِينَ وَلَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا تَبَايُعٌ ثُمَّ مَاتَتْ فَهَلْ لِلْوَرَثَةِ أَخْذُ الْغَسُولِ أَوْ الدَّرَاهِمِ؟

(فَأَجَابَ) لَا يَلْزَمُ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ إلَّا الْخَمْسُونَ نِصْفًا الَّتِي قَبَضَهَا مِنْ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ مَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ عَقَدَ مَعَهَا عَقْدًا كَبَيْعٍ أَوْ سَلَمٍ صَحِيحٍ فِي غِرَارَتَيْنِ مِنْ الْغَسُولِ أَمَّا السَّلَمُ فِي الْغَسُولِ فَغَيْرُ صَحِيحٌ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ أَسْلَمَ سَلَمًا شَرْعِيًّا بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ فِي حِنْطَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَجَعَلَ الْأَجَلَ سَلْخَ صَفَر هَذَا الْعَامِ وَجَعَلَ مَكَانَ التَّسْلِيمِ بَنْدَرَ جُدَّةَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ وَتُحْمَلُ لَفْظَةُ الْبَنْدَرِ عَلَى الْمَرْسَى وَتَكُونُ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ مِنْ الْمَرْسَى إلَى شَاطِئِ الْبَنْدَرِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَوْ تُحْمَلُ لَفْظَةُ الْبَنْدَرِ عَلَى شَاطِئِ السَّاحِلِ كَمَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ أَنَّ الْبَنْدَرَ اسْمٌ لِلْقَرْيَةِ فَيَصِحُّ فَتَكُونُ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ مِنْ الْمَرْسَى إلَى شَاطِئِ الْبَنْدَرِ مِنْ تَتِمَّةِ التَّسْلِيمِ فَتَجِبُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ قِيَاسًا عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يَنْتَهِي سَفَرُهُ إلَّا بِبُلُوغِهِ شَاطِئِ الْبَنْدَرِ أَوْ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ رَأْسًا لِلسُّكُوتِ عَنْ بَيَانِ مَكَانِ التَّسْلِيمِ وَإِذَا قُلْتُمْ بِالصِّحَّةِ لِأَحَدِ الشِّقَّيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>