للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جَوَاز إصْلَاحِ الْخَطَإِ فِي الْكُتُبِ الْمُسْتَعَارَةِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْعَبَّادِيِّ مَا مَرَّ، ثُمَّ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ إطْلَاقَ إصْلَاحِ الْخَطَإِ فِي الْمُسْتَعَارِ خَطَأٌ فَنَقُولُ إنْ عَلِمَ رِضَا الْمُعِيرِ وَهُوَ أَهْلٌ لِلْإِصْلَاحِ جَازَ قَطْعًا أَوْ كَرَاهَتَهُ فَلَا قَطْعًا وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ خَطُّ الْمُسْتَعِيرِ كَخَطِّ الْكِتَابِ الْمُسْتَعَارِ أَوْ يُقَارِبُهُ فَهَذَا مُحْتَمِلٌ وَجْهَ الْجَوَازِ أَنَّهُ إحْسَانٌ فَالظَّاهِرُ رِضَا الْمُعِيرِ بِهِ وَوَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ أَمْره، وَإِنْ كَانَ خَطُّ الْكِتَابِ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ لَمْ يَجُزْ قَطْعًا أَوْ الْعَكْسُ فَفِي الْجَوَازِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْإِصْلَاحَ بِتَخْرِيجِ السَّاقِطِ بِالْخَطِّ الْحَسَنِ يُبَيِّنُ قُبْحَ خَطِّ الْأَصْلِ وَيَفْضَحُهُ وَهَذَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِالْإِصْلَاحِ كَشْطُ مَكْتُوبٍ أَوْ تَعْيِيبٌ أَوْ ضَرْبٌ فَإِنَّ هَذَا يُظْهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِرِضَا الْمُعِيرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمَوْقُوفِ عَلَى جَمَاعَةٍ مُسْلِمِينَ وَبَيْنَ الْمِلْكِ وَالْمَوْقُوفِ عَلَى مُعَيَّنٍ فَكُلُّ مَا جَازَ فِيهِمَا جَازَ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَى الْعُمُومِ مِنْ بَاب أَوْلَى وَكُلُّ مَا امْتَنَعَ فِيهِمَا هَلْ يَمْتَنِعُ فِيهِ هَذَا مَوْضِعُ تَرَوٍّ وَتَفْصِيلٍ يُدْرِكهُ النَّبِيهُ. اهـ. مُلَخَّصًا

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَا صُورَتُهُ ذَكَرَ أَبُو شُكَيْلٍ شَارِحُ الْوَسِيطِ أَنَّ رَجُلًا اسْتَعَارَ عَبْدَيْنِ مِنْ مَالِكِهِمَا فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ عَمْدًا فَاقْتَصَّ الْمَالِكُ ضَمِنَ قِيمَتَهُمَا فَهَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مُقْتَضَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ إذَا قَتَلَ السَّيِّدُ الْعَبْدَ الْقَاتِل لِعَبْدِهِ فِي يَدِ الْغَاصِب بَرِئَ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ هُوَ الْمُتْلِفُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ فَمَا ذَكَرَهُ أَبُو شُكَيْلٍ فِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ وَافَقَهُ بَعْضُهُمْ.

وَفَرَّقَ بَيْنَ الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَعِيرِ بِأَنَّ الْمُسْتَعَارَ تُضْمَنُ رَقَبَتُهُ دُونَ جِنَايَتِهِ، وَالْمَغْصُوبُ تُضْمَنُ رَقَبَتُهُ وَجِنَايَتُهُ فَإِذَا اقْتَصَّ الْمَالِكُ مِنْ الْمَغْصُوبِ فَقَدْ اُسْتُوْفِيَ مُتَعَلِّقُ الْغَصْبِ وَسَقَطَ عَنْ الْغَاصِبِ حُكْمُ الْغَصْبِ فِي الرَّقَبَةِ وَفِي هَذِهِ الْجِنَايَةِ وَإِذَا اسْتَوْفَى الْمُعِيرُ فَقَدْ اسْتَوْفَى شَيْئًا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْعَارِيَّةِ وَلَا يَضْمَنُهُ الْمُسْتَعِيرُ فَيَبْقَى حُكْمُ الْعَارِيَّةِ بِحَالِهِ وَهُوَ ضَمَانُ الْعَبْدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَهَلْ يَطَّرِدُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْعَوَارِيِّ إذَا أَتْلَفَهَا الْمُعِيرُ قَبْل أَنْ يَقْبِضَهَا؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتْلَفَ أَجْنَبِيٌّ الْمُسْتَعَارَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُعِيرُ فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْهُ بِأَنْ أَتْلَفَهُ لِصِيَالٍ أَوْ قِصَاصٍ ضَمِنَهُ الْمُسْتَعِيرُ فَقَطْ وَإِلَّا فَهُوَ طَرِيقٌ وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُتْلِفِ وَحِينَئِذٍ فَإِتْلَافُ الْمُعِير كَذَلِكَ فَفِي الْحَالَةِ الْأُولَى الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِإِتْلَافِ الْمُعِيرِ بِخِلَافِ الْغَصْبِ فِي الْقِصَاصِ لِمَا مَرَّ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَفِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ يَسْقُطُ الضَّمَانُ عَنْهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي تَغْرِيمِهِ وَهُوَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآخَرِ اهـ.

وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَعِيرِ.

(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ قَالَ لِآخَرَ مَنَحْتُك كَذَا فَهَلْ هُوَ كَأَعَرْتُكَ أَوْ كَوَهَبْتُكَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ صَرَّحَ فِي الْبَيَانِ فِي الْهِبَةِ بِأَنَّ الْمِنْحَةَ هِبَةٌ لَكِنَّ كَلَامَهُ فِي الْعَارِيَّةِ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الْمِنْحَةَ هِيَ الْعَارِيَّةُ وَهُوَ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيث وَاللُّغَةُ وَالِاسْتِعْمَال وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْوَسِيط.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَعَارَ عَبْدًا فَهَلْ يَضْمَنُ ثِيَابَهُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ مُسْتَعْمِلًا لَهَا بِخِلَافِ إكَافِ الدَّابَّةِ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَعَارَ كِتَابًا مَوْقُوفًا فَتَلِفَ عِنْدَهُ بِلَا تَقْصِيرٍ فَهَلْ يَضْمَنُهُ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي أَوَاخِر كِتَابِ الْوَقْفِ إذَا سُبِّلَتْ كِيزَانٌ عَلَى حَوْضٍ أَوْ نَهْرٍ فَتَلِفَ مِنْهَا شَيْءٌ فِي يَدِ أَحَدٍ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا بِالتَّعَدِّي وَمِنْهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِ مَا وُقِفَ لَهُ وَبِهِ يَعْلَمُ أَنَّ الْكِتَابَ الْمَذْكُورَ إنْ كَانَ وَقْفًا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِأَنْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ وَقْفًا عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ وَقْفًا عَلَى إنْسَانٍ بِخُصُوصِهِ فَاسْتَعَارَهُ مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ اسْتَعَارَ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ وَأَلْحَقَ بِذَلِكَ الِاسْتِعَارَةَ مِنْ كُلِّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةَ اسْتِحْقَاقًا لَازِمًا دُونَ الرَّقَبَةِ قَالَ وَعَلَيْهِ لَوْ أَصْدَقَ زَوْجَتَهُ مَنْفَعَةً أَوْ صَالَحَ عَلَيْهَا أَوْ جَعَلَهَا رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ لَمْ يَضْمَنْ الْمُسْتَعِيرُ مِنْ هَؤُلَاءِ اهـ.

وَهُوَ بَحْثٌ مُتَّجَهٌ.

(وَسُئِلَ) عَنْ دَابَّةٍ مُسْتَعَارَةٍ عَثَرَتْ حَالَةَ الِاسْتِعْمَالِ وَمَاتَتْ مَا الْحُكْمُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ سَبَبُ تَعَثُّرِهَا هُوَ الِاسْتِعْمَالُ الْمَأْذُونُ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْهَا الْمُسْتَعِيرُ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَلِفَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَإِنْ تَعَثَّرَتْ لَا بِسَبَبٍ أَوْ بِسَبَبٍ هُوَ الِاسْتِعْمَالُ لَكِنَّهُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ ضَمِنَهَا كَمَا لَوْ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فِي الطَّرِيقِ، وَاَللَّه أَعْلَم.

(وَسُئِلَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>