للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَرْسَلَ الْمَاءَ فِي بُسْتَانِهِ فَدَخَلَ فِي ثَقْبٍ وَأَفْسَدَ دَارَ جَارِهِ فَهَلْ يَضْمَنُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَفْتَى الْقَفَّالُ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الثَّقْبُ مَوْجُودًا قَبَلَ الْإِرْسَالِ ضَمِنَ، وَإِنْ جَهِلَهُ، وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْإِرْسَالِ فَلَا وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ: إنَّمَا يَضْمَنُ إنَّ خَرَجَ عَنْ عَادَةِ مِثْلِهِ فِي السَّقْيِ، وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ وَمِثْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا لَوْ سَقَى مَعَ عِلْمِهِ بِالثَّقْبِ وَكَوْنِهِ يَنْفُذُ لِدَارِ جَارِهِ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ.

وَسُئِلَ) عَنْ أَرْضٍ تُسْقَى مِنْ أَرَاضٍ مُتَعَدِّدَةٍ أَرَادَ صَاحِبُهَا الِاقْتِصَارَ عَلَى سَقْيِهَا مِنْ بَعْضِهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ لِتَرْكِ بَعْضِ حَقِّهِ أَوْ لَا لِحُصُولِ الضَّرَرِ عَلَى أَهْلِ الْمُسْتَقَى مِنْهُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الِاقْتِصَارُ يُؤَدِّي إلَى لُحُوقِ ضَرَرٍ بِالْأَرْضِ الْمُسْتَقَى مِنْهَا فَلِصَاحِبِهَا مَنْعُهُ مِنْهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ اعْتِيَادَ شُرْبِهَا مِنْ مَحَالَّ مُتَعَدِّدَةٍ يُصَيِّرُ اسْتِحْقَاقَهَا الشُّرْبَ مِنْ كُلٍّ مِنْ تِلْكَ الْمَحَالِّ بِطَرِيقِ التَّوْزِيعِ لَا بِطَرِيقِ الِاسْتِقْلَالِ، فَإِذَا أَرَادَ الِاسْتِقْلَالَ كَانَ مُرِيدًا مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ فَإِنْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِالْغَيْرِ مَنَعَهُ مِنْهُ هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ أَنَّهَا تَشْرَبُ مِنْ كُلٍّ مِنْ تِلْكَ الْمَحَالِّ بَعْضَ كِفَايَتِهَا، أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ أَنَّهَا يَأْتِيهَا الْمَاءُ الَّذِي يَكْفِيهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ تِلْكَ الْمَحَالِّ فَهِيَ حِينَئِذٍ تَسْتَحِقُّ الِاسْتِقْلَالَ مِنْ كُلٍّ مِنْ تِلْكَ الْمَحَالِّ، فَإِذَا أَرَادَ الِاقْتِصَارَ حِينَئِذٍ فَلَيْسَ لِلْغَيْرِ مَنْعُهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَادَةَ الْمُسْتَمِرَّةَ مُحَكَّمَةٌ فِي مِثْلِ ذَلِكَ فَكُلُّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا عَلَى وَفْقِهَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ وَإِنْ أَضَرَّ بِغَيْرِهِ، وَكُلُّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا لَا عَلَى وَفْقِهَا مُنِعَ مِنْهُ.

. (وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ لَهُ حَدِيقَةُ نَخْلٍ ثُمَّ اشْتَرَى عُلُوَّهَا أَرْضًا أُخْرَى وَغَرَسَهَا نَخْلًا وَجَعَلَهُمَا حَدِيقَةً وَاحِدَةً وَجَعَلَ سَقْيَهُمَا مِنْ أَعْلَى الْحَدِيقَةِ لِيَعُمَّهُمَا الْمَاءُ فَهَلْ لِأَحَدٍ التَّحَجُّرُ عَلَى صَاحِبِ الْحَدِيقَةِ بِأَنْ لَا يَسْقِيَهَا إلَّا مِنْ أَسْفَلَهَا أَوْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلِصَاحِبِ الْحَدِيقَةِ أَنْ يَسْقِيهَا مِنْ أَيِّ مَحَلٍّ اخْتَارَ اخْتَارَ لِأَنَّ الْمِلْكَ مِلْكُهُ وَالْمَاءَ مُسْتَحَقٌّ لَهُ مَثَلًا وَإِذَا انْتَهَى زَمَنُ اسْتِحْقَاقِهِ لِلْمَاءِ سَدَّ مَحَلَّ السَّقِيَّةِ لِيَذْهَبَ الْمَاءُ إلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهُ بَعْدَهُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْمَاءُ الَّذِي تُسْقَى مِنْهُ الْحَدِيقَةُ الْأُولَى إنْ كَانَ مِنْ نَهْرٍ مُبَاحٍ جَازَ لِأَهْلِ النَّهْرِ أَنْ يَمْنَعُوا صَاحِبَ الْحَدِيقَةِ مِنْ سَقْيِ الْحَدِيقَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ النَّهْرِ قَبْلَهُمْ إنْ ضَيَّقَ عَلَيْهِمْ، وَالْمُرَادُ بِهِمْ مَنْ سَبَقَ لَهُ اسْتِحْقَاقُ شُرْبٍ مِنْ النَّهْرِ قَبْلَ شِرَاءِ الْحَدِيقَةِ الْمَذْكُورَةِ.

وَإِنْ كَانَ مِنْ نَهْرٍ مَمْلُوكٍ جَازَ لَهُمْ أَيْضًا مَنْعُهُ مِنْ تَقْدِيمِ رَأْسِ سَاقِيَتِهِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ إلَى أَرْضِهِ وَمِنْ تَأْخِيرِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَصَرُّفٌ مِنْهُ فِي الْحَافَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الشُّرَكَاءِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ اقْتِسَامُهُمْ لِلْمَاءِ بِالزَّمَنِ كَالسَّاعَةِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ جَعَلَ مَحِلَّ السَّقْيِ مِنْ أَعْلَى الْحَدِيقَةِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي الْحَافَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَلَا أَخَذَ شَيْئًا مِنْ الْمَاءِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ شُرَكَاؤُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَكُلُّ أَرْضٍ وُجِدَ بِيَدِ أَهْلِهَا نَهْرٌ لَا تُسْقَى إلَّا بِهِ. وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ حُفِرَ أَوْ انْخَرَقَ يُحْكَمُ لَهُمْ بِمِلْكِهِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَرَّرَ فِي النَّهْرِ الْمَمْلُوكِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ عَنْ سَيْلٍ يَنْزِلُ مِنْ جَبَلٍ عَالٍ وَعَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ مَزَارِعُ فَوَضَعَ رَجُلٌ أَحْجَارًا وَأَخْشَابًا بِمَجْرَاهُ فَتَحَوَّلَ عَنْهُ وَأَتْلَفَ الْأَرْضَ الْمُتَحَوِّلَ إلَيْهَا فَهَلْ يَضْمَنُهَا؟ وَهَلْ لِمَالِكِ هَذِهِ الْأَرْضِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْمَكَانَ الَّذِي عَنْهُ تَحَوَّلَ؟

(فَأَجَابَ) نَعَمْ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ السَّيْلُ الَّذِي حُوِّلَ إلَيْهَا إذَا تَلِفَتْ أَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا بِهِ وَمَا تَحَوَّلَ عَنْهُ إنْ كَانَ مُسْتَحَقًّا لِأَصْحَابِ تِلْكَ الْأَرْضِ لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِمْ تَمَلُّكُهُ؛ لِأَنَّ انْتِفَاعَ أَرَاضِيِهِمْ بِهَذَا الْمَجْرَى الْمُرَتَّبِ لَهَا يُصَيِّرُهُ حَقًّا مِنْ حُقُوقِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحَقًّا لَهُمْ بِأَنْ مَهَّدَ السَّيْلُ مَجْرًى أَوْ أَرْضًا فِي مَوَاتٍ وَلَمْ يَكُنْ فِي أَحَدِهِمَا اسْتِحْقَاقٌ لِأَحَدٍ جَازَ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ إحْيَاء ذَلِكَ؛ إذْ لَا حَقَّ فِيهِ لِلْغَيْرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) بِمَا صُورَتُهُ اُقْتُسِمَ الْمَاءُ بَيْنَ مَالِكِ أَرْضَيْنِ مُتَجَاوِرَتَيْنِ بِأَنْ يَجْعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا رَسْمَ شُرْبٍ يَجْرِي إلَى أَرْضِهِ ثُمَّ يُرْسِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْمَاءَ مِنْ أَرْضِهِ بَعْدَ رَيِّهَا إلَى أَرْضٍ تَحْتَهَا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمَا لِمَنْ بَعْدَهُمَا لِمَنْ بَعْدَهُ وَهَكَذَا حُكْمُ جَمِيعِ الْمُتَفَرِّعِينَ يَكُونُ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَى النَّهْرِ أَحَقُّ بِجَمِيعِ حِصَّتِهِ مَثَلًا وَحِصَّةُ مُجَاوِرِهِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِ مَثَلًا وَلَوْ جَرَتْ عَادَةٌ بِإِجْرَاءِ كُلٍّ لِمَنْ بَعْدَهُ قَبْلَ رَيِّ الْمُجَاوِرِ فَهَلْ لِهَذِهِ الْعَادَةِ اتِّبَاعٌ أَمْ لَا لِمُخَالِفَتِهَا اسْتِحْقَاقَ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى، وَإِنْ قُسِمَ الْمَاءُ أَجِيبُوا جَوَابًا شَافِيًا؟

(فَأَجَابَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>