للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسْتَعَارِ؟ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ هُوَ الْمُحَلِّلُ. لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَالْعَمَلُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ عُمَرُ وَابْنُهُ وَعُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ مِنْ التَّابِعِينَ.

وَأَبُو إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُحَلِّلِ؟ فَقَالَ لَا، إلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ لَا نِكَاحَ دُلْسَةٍ وَلَا اسْتِهْزَاءً بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ تَذُوقُ الْعُسَيْلَةَ» . وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالْأَثْرَمُ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: لَا أُوتَى بِمُحَلِّلٍ وَلَا مُحَلَّلٍ لَهُ إلَّا رَجَمْتُهُمَا، فَسُئِلَ ابْنُهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: كِلَاهُمَا زَانٍ. «وَسَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ مَا تَقُولُ فِي امْرَأَةٍ تَزَوَّجْتهَا لِأُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا لَمْ يَأْمُرْنِي وَلَمْ يَعْلَمْ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: لَا إلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ إنْ أَعْجَبَتْك أَمْسَكْتهَا وَإِنْ كَرِهْتهَا فَارَقْتهَا، وَإِنَّا كُنَّا نَعُدُّ هَذَا سِفَاحًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَسُئِلَ عَنْ تَحْلِيلِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا فَقَالَ ذَلِكَ هُوَ السِّفَاحُ. وَعَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ ابْنَةَ عَمِّهِ ثُمَّ نَدِمَ وَرَغِبَ فِيهَا، فَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ لِيُحِلَّهَا لَهُ فَقَالَ كِلَاهُمَا زَانٍ، وَإِنْ مَكَثَا عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوِهَا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُحِلَّهَا» .

وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ نَدِمَ فَقَالَ هُوَ عَصَى اللَّهَ فَأَنْدَمَهُ، وَأَطَاعَ الشَّيْطَانَ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. قِيلَ لَهُ: فَكَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ يُحِلُّهَا؟ فَقَالَ مَنْ يُخَادِعُ اللَّهَ يَخْدَعْهُ.

تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا كَبِيرَةً هُوَ صَرِيحُ مَا فِي الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ اللَّعْنِ، وَهُمَا مَحْمُولَانِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى مَا إذَا شَرَطَ فِي صُلْبِ نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ أَنَّهُ يُطَلِّقُ بَعْدَ أَنْ يَطَأَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُفْسِدَةِ لِلنِّكَاحِ، وَحِينَئِذٍ التَّحَلُّلُ كَبِيرَةٌ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْمُطَلِّقِ وَالْمُحَلِّلِ وَالْمَرْأَةِ فَاسِقًا لِإِقْدَامِهِمْ عَلَى هَذِهِ الْفَاحِشَةِ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ إطْلَاقُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ التَّحْلِيلَ كَبِيرَةٌ إذْ هُوَ بِدُونِ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ كَبِيرَةً وَلَا عِبْرَةَ بِمَا أَضْمَرُوهُ وَلَا بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ عَلَى الْعَقْدِ، وَأَخَذَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِإِطْلَاقِ الْحَدِيثَيْنِ فَحَرَّمُوا التَّحَلُّلَ مُطْلَقًا مِنْهُمْ مَنْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فَقَالَ: إذَا هَمَّ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ بِالتَّحَلُّلِ فَقَدْ أَفْسَدَ الْعَقْدَ.

وَالنَّخَعِيُّ فَقَالَ: إذَا كَانَتْ نِيَّةُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ أَوْ الزَّوْجُ الْآخَرُ أَوْ الْمَرْأَةُ التَّحْلِيلَ فَنِكَاحُ الْآخَرِ بَاطِلٌ وَلَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ. وَابْنُ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ: مَنْ تَزَوَّجَ

<<  <  ج: ص:  >  >>