للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِعَدَمِ الْمُرُوءَةِ لَا لِلْفِسْقِ. وَحَاصِلُ عِبَارَةِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي التَّشْبِيبِ بِالنِّسَاءِ وَالْغِلْمَانِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لَا يُخِلُّ بِالْعَدَالَةِ وَإِنْ أَكْثَرَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيبَ صَنْعَةٌ وَغَرَضُ الشَّاعِرِ تَحْسِينُ الْكَلَامِ لَا تَحْقِيقُ الْمَذْكُورِ، قَالَا: وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ لَوْ سَمَّى امْرَأَةً لَا يَدْرِي مَنْ هِيَ، وَتُرَدُّ شَهَادَةُ الشَّاعِرِ إذَا كَانَ يَفْحُشُ أَوْ يُشَبِّبُ بِامْرَأَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ يَصِفَ أَعْضَاءً بَاطِنَةً فَإِنْ شَبَّبَ بِجَارِيَتِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يَجُوزُ وَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ، وَهَذَا الْقَائِلُ يَقُولُ: إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ مُعَيَّنَةً لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ مَنْ تَحِلُّ لَهُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ إذَا ذَكَرَ حَلِيلَتَهُ بِمَا حَقُّهُ الْإِخْفَاءُ لِسُقُوطِ مُرُوءَتِهِ انْتَهَتْ، وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ دَعْوَى سُقُوطِ الْمُرُوءَةِ بِكُلِّ مَا حَقُّهُ الْإِخْفَاءُ مَمْنُوعَةٌ وَبِأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى عَدَمِ الرَّدِّ بِذَلِكَ.

وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ هَذَا انْضَمَّ إلَيْهِ عَدَمُ الْمُبَالَاةِ بِمَا فِيهِ مِنْ نَوْعِ فَضِيحَةٍ لِعِيَالِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ عَدَمَ الْمُبَالَاةِ بِذَلِكَ يُنَافِي الْمُرُوءَةَ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ نَصَّيْنِ لِلشَّافِعِيِّ رَجَّحَ الشَّيْخَانِ أَحَدَهُمَا لِظُهُورِ مُدْرِكِهِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ قِيلَ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ عَلَى عَدَمِ الرَّدِّ، ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ وَغَيْرَهُ أَجْمَعُوا فَقَالُوا: لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا رَجَّحَاهُ وَالنَّصَّ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ مَا ذَكَرَاهُ فِيمَا إذَا ذَكَرَ حَلِيلَتَهُ بِمَا يَخْفَى كَالْأَحْوَالِ الَّتِي تَتَّفِقُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْجِمَاعِ وَالْخَلْوَةِ، وَمُقَابِلُهُ فِيمَا إذَا شَبَّبَ بِغَيْرِ مُعَيَّنَةٍ أَوْ بِحَلِيلَتِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يُخْفِي مُرُوءَةً. اهـ. وَالْحَمْلُ الْأَوَّلُ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته، وَيُؤَيِّدُ عَدَمَ التَّحْرِيمِ أَنَّ كَعْبَ بْنَ زُهَيْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شَبَّبَ بِسُعَادَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُنْكِرْهُ، وَحُمِلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ امْرَأَتَهُ وَابْنَةَ عَمِّهِ وَطَالَ عَهْدُهُ بِهَا وَغَيْبَتُهُ عَنْهَا. وَقَدْ ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ فَقَالَ: مِمَّا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ أَنْ يُقَبِّلَ حَلِيلَتَهُ بِحَضْرَةِ النَّاسِ أَوْ يَحْكِي مَا جَرَى بَيْنَهُمَا فِي الْخَلْوَةِ. وَفِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ حُرْمَتُهُ وَلَا تَنَافِيَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي غَيْرِ ذِكْرِ الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ وَالثَّانِي فِي ذِكْرِهِمَا.

لَا يُقَالُ يَنْبَغِي رَدُّ شَهَادَةِ الْمُشَبِّبِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَلِيلَتَهُ فَقَدْ ذَكَرَ مَا حَقُّهُ الْإِخْفَاءُ أَوْ أَجْنَبِيَّةً فَأَشَدُّ. لِأَنَّا نَقُولُ: يَجُوزُ أَنْ يُسَامَحَ عِنْدَ عَدَمِ التَّعْيِينِ بِذَلِكَ وَالتَّنْظِيرُ فِي ذَلِكَ مَمْنُوعٌ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: يَجِبُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ إذَا شَبَّبَ بِحَلِيلَتِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ سِوَى الْمَحَبَّةِ وَالشَّوْقِ أَوْ ذَكَرَ شَيْئًا مِنْ التَّشْبِيهَاتِ الظَّاهِرَةِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَكَذَا إذَا ذَكَرَ امْرَأَةً مَجْهُولَةً وَلَمْ يَذْكُرْ سُوءًا. انْتَهَى.

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الَّذِي يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ أَنَّ تَسْمِيَتَهُ مَنْ لَا يَدْرِي مَنْ هِيَ وَذِكْرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>