للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأجناس، فإنه سبحانه بعد أن أخبر بأن عنده مفاتيح كلّ غيب، إذ اللام للجنس ها هنا مجملا في القول، تمدّح بأنه يعلم ما في البر والبحر من أصناف الحيوان والنبات والجماد، وحاصر الكليات المولدات، ورأى سبحانه أن الاختصار على ذلك لا بكمل به معنى التمدح لاحتمال أن يظنّ ضعيف أنه يعلم الكليات دون الجزئيات، فإن المولدات الثلاث- وإن كانت جزئيات بالنسبة إلى العالم- فكل واحد منها كليّ بالنسبة الى ما تحته من الأجناس المتوسطة والأنواع وأصنافها، فقال لكمال التّمدّح: «وما تسقط من ورقة إلا يعلمها» ، وعلم أن علم ذلك قد يشاركه فيه من مخلوقاته كل من خلق له إدراكا وهداه إلى طريق ذلك. فشارك فيه فتمدح بما لا يشارك فيه بقوله:

«ولا حبة في ظلمات الأرض» ، ثم ألحق هذه الجزئيات بعد حصرها بالكليات حيث قال: «ولا رطب ولا يابس» لأن جميع المولّدات وعناصرها التي تولدت منها- ما كان منها في باطن الأرض وما خرج الى ظاهرها- لا يخرج عن هذين القسمين. وألغى ذكر المعتدل فإنه ممتزج من هذين القسمين. فاستغنى بذكر الأصل عن الفرع. ثم قال: «إلا في كتاب مبين» إشارة إلى أن علمه بذلك علم من معلومه مفيد في كتاب مبين. فهو يأمن الضلال والنسيان.

[نماذج شعرية:]

وقال أبو الطّيّب المتنبي رامقا هذه السّماء العالية من البيان:

هي الغرض الأقصى ورؤيتك المنى ... ومنزلك الدنيا وأنت الخلائق

<<  <  ج: ص:  >  >>