للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفوائد:]

كثر اختلاف العلماء حول هذا التركيب المعجز، وسنختار ما هو أكثر ملاءمة للمنطق والذوق، فقد مثل بعضهم لهذا التركيب بمثال وهو: إذا قال لك قائل أكرم فلانا فإنه يكافئك، وأنت تعلم منه نفيها، قلت في الجواب: وما يدريك أني إذا أكرمته يكافئني، فتنكر عليه إثبات المكافأة، فإن انعكس الأمر فقال لك: لا تكرمه فإنه لا يكافئك، وكنت تعلم منه المكافأة، فأنكرت على المشير بحرمانه، قلت:

وما يدريك أنه لا يكافئني، تريد: وأنا أعلم منه المكافأة، فكان مقتضى الإنكار على المؤمنين الذين أحسنوا الظن بالمعاندين فاعتقدوا أنهم يؤمنون عند نزول الآية المقترحة أن يقال: وما يدريكم أنها إذا جاءت يؤمنون، بإسقاط «لا» ، فلما جاءت الآية على هذا الشكل، اختلف العلماء، فحمل بعضهم «لا» على أنها زائدة، وبعضهم أوّل «أنّ» ب «لعل» من قول العرب: أئت السوق أنك تشتري لحما، واستشهدوا بقول امرئ القيس:

عوجا على الطّلل المحيل لأننا ... نبكي الديار كما بلى ابن حزام

أي: لعلنا، وبعضهم جعل الكلام جواب قسم محذوف، وقد تفتح همزة أن بعد القسم، فقال: التقدير: والله أنها إذا جاءت لا يؤمنون. والأصح أن الآية باقية على ظاهرها، وأن هذا كله مجرد تكلّف، ولإيضاح ذلك يقال: إذا حرمت زيدا لعلمك بعدم مكافأته فأشير عليك بالإكرام، بناء على أن المشير يظن المكافأة، فلك معه حالتان: حالة تنكر عليه ادعاء العلم بما يعلم خلافه، وحالة تعذره في عدم العلم بما أحطت به علما، فان أنكرت عليه قلت: وما يدريك أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>