للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[البلاغة:]

في الآية التشبيه التمثيلي، وقد سبقت الاشارة إليه كثيرا. وإن وجه الشبه فيه صورة منتزعة من متعدّد، وهذا مثل ضربه الله تعالى لحال المؤمن والكافر، فبّين أن المؤمن المهتدي بمنزلة من كان ميتا فأحياه وأعطاه نورا يهتدي به في مصالحه، وإن الكافر بمنزلة من هو في الظلمات منغمس فيها، ولم تأتلف هذه الأجناس المختلفة للتمثيل، ولم تتصادف هذه الأشياء المتباينة على حكم المشبه، إلا لأنه لم يراع ما يحضر العين، ولكن ما يستحضر العقل، ولم يعن بما تنال الرؤية بل بما تعلق به الرّويّة. ونحن نعتقد أن ما ورد في القرآن من أمثال هو عام بحق كل إنسان في مختلف ظروفه وأحواله، وهو الصحيح الذي يتناسب مع مدلول الهداية التي جاء بها القرآن، ولكن المفسرين، رحمهم الله، يتوسعون، فيجعلون لكل آية مناسبة تتعلق بها، وليس ثمة مانع من ذلك ما دامت أحوال الناس متناسبة متشابهة في مختلف ظروف الزمان والمكان. وقد ذكر غير واحد منهم أن في الآية رجلين معنيين، الأول هو حمزة بن عبد المطلب عمّ النبي صلى الله عليه وسلم، والثاني هو أبو جهل بن هشام. ويوردون قصة طريقة لا بأس بإيرادها، وخلاصتها أن أبا جهل رمى النبي صلى الله عليه وسلم بفرث، فأخبر حمزة بما فعل أبو جهل- وكان حمزة قد رجع من صيد، وبيده قوس، وحمزة لم يؤمن بعد- فأقبل حمزة غضبان حتّى علا أبا جهل، وجعل يضربه بالقوس، وجعل أبو جهل يتضرّع إلى حمزة ويقول: يا أبا يعلى! أما ترى ما جاء به؟ سفّه عقولنا وسبّ آلهتنا وخالف آباءنا! فقال حمزة: ومن أسفه منكم عقولا؟ تعبدون الحجارة من دون الله! أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله. فأسلم حمزة يومئذ.

<<  <  ج: ص:  >  >>