للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حذف مفعول كلوا كما تقدم، وحذف جواب إن الشرطية أي فاشكروه وحذف جواب الشرط شائع في كلام العرب.

٢- التقديم في تقديم إياه لإفادة الاختصاص، لأنه سبحانه مختص بأن يعبدوه.

٣- الالتفات من ضمير المتكلم الى الغيبة، وسياق الكلام يقتضي أن يقول: واشكرونا، ولكنه التفت الى الغيبة لعظم الاهتمام به سبحانه. وفيه تلميح الى الحديث النبوي وهو: «يقول الله تعالى:

إني والجن والإنس في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر غيري» . وقد درج علماء البلاغة على تعريف الالتفات بأنه إنما يستعمل في الكلام للتفنن والانتقال من أسلوب الى أسلوب تطرية لنشاط السامع، وهو تعريف جميل، لأن النفس تسأم الكلام الجاري على نسق رتيب. ولكن يرد على هذا التعريف أن التطرية لا تكون إلا بعد حدوث الملل، ولا ملل في تلاوة القرآن، فلا بد أن يكون هناك أمر وراء الانتقال من أسلوب الى أسلوب، بيد أن ذلك لا يمكن تحديده، لأن الفنّ جمال، وسر الجمال في عدم تحديده، لأنه بعيد المنال، وقد أريناك عند الكلام على الفاتحة أسرارا تكمن وراء السطور، وهنا عدل عن التكلم الى الغيبة كما تقدم، وليصرح باسم الله، وفي ذلك من حوافز الشكر ما فيه.

[نموذج شعري:]

وما دمنا في صدد أسرار الالتفات يحسن بنا أن نورد للقارىء مثالا شعريا لأبي تمام الطائي ليقيس طلابنا ومتأدبونا على منواله، قال يمدح أبا دلف العجليّ ويصف فيها ركبا يسيرون في المهامة البعيد

<<  <  ج: ص:  >  >>