للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- التتميم:

وفي قوله «ولا تنس نصيبك من الدنيا» تتميم لا بد منه لأنه إذا لم يغتنمها ليعمل للآخرة لم يكن له نصيب في الآخرة ففي الحديث:

«اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك» وقد عاد أبو الطيب فرمق سماء هذه البلاغة مرة ثانية فقال من قصيدة يرثي بها والدة سيف الدولة وقد توفيت بميّافارقين وجاءه الخبر بموتها الى حلب سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، وأنشد أبو الطيب قصيدته في جمادى الآخرة من السنة ونورد نخبة مختارة منها:

نعد المشرفية والعوالي ... وتقتلنا المنون بلا قتال

وترتبط السوابق مقربات ... وما ينجين من خبب الليالي

ومن لم يعشق الدنيا قديما ... ولكن لا سبيل الى الوصال

نصيبك في حياتك من حبيب ... نصيبك في منامك من خيال

رماني الدهر بالأرزاء حتى ... فؤادي في غشاء من نبال

فصرت إذا أصابتني سهام ... تكسرت النصال على النصال

والشاهد المراد هو في قوله: نصيبك في حياتك البيت، أي إن نصيب الإنسان من وصال حبيبه في حياته كنصيبه من وصال خياله في منامه، ووجه الشبه: اتفاق الأمرين في سرعة انقضائهما، واشتباههما في عجلة زوالهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>