للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضيا فأنكحها إياه وساق عنه إليها مهرها ستين درهما وخمارا وملحفة ودرعا وإزارا وخمسين مدا من طعام وثلاثين صاعا من تمر كما يروى، فمن الجدير بالملاحظة أن زينب كانت بنت عمة النبي وربيت تحت نظره وشملها من عنايته ما يشمل البنت من والدها ولو كان للجمال سلطان على قلبه صلى الله عليه وسلم كما يزعم المتشككون لكان أقوى سلطانه عليه جمال البكر في روائه ونضرة جدته وقد كان يراها ولم يكن بينه وبينها حجاب ولا يخفى عليه شيء من محاسنها الظاهرة بيد أنه لم يرغبها لنفسه ورغبها لمولاه فكيف يستهويه جمالها ويصيبه سهم حبها بعد أن صارت زوجا لعبد أعتقه وأنعم عليه بالحرية؟

هذا ولم يعرف في الطبائع أن تغلب الشهوة على الإنسان حتى يعشق من هو قريب منه أو من عايشه في صغره، فكيف يسوغ لنا أن ندعي وجود هذه الشهوة في رجل عرف بالعفة والاستقامة طوال عمره وصوت الله يهتف في أذنه: «ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا» بل كيف يسمح لنفسه بالانزلاق الى هذه الوهدة السحيقة وهو يتهيأ لبث رسالة ونشر تعاليم دين جديد يتغاير مع مألوف قومه ويهدم ما ألفوه من عادات وترسموه من نظم وطقوس؟

الواقع أنه، صلى الله عليه وسلم، لم يبال بإباء زينب الاقتران بزيد ورغبتها عنه، وقد كان يعلم حق العلم، أن زواجا يقوم على التنافر أمر يفقد طبيعة الانسجام بين الزوجين التي لا بد منها ليسود الوئام بينهما وتستقر الحياة الزوجية على أوطد الدعائم، ولكنه أراد تنفيذ أمر الله في محو عادة جاهلية رديئة درج عليها العرب آنذاك وهي إعطاء الدعي جميع حقوق الابن واجراء جميع الاحكام المعتبرة للابن

<<  <  ج: ص:  >  >>