للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمَالَ الَّذِي لَنَا عَلَى فُلَانٍ بَاطِلٌ، وَالْأَرْضُ فِي أَيْدِينَا تَلْجِئَةً قَالَ أَبُو يُوسُفَ: بَطَلَ الرَّهْنُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَيَبْرَأُ مِنْ حِصَّتِهِ، وَالرَّهْنُ بِحَالِهِ مِنْ الْوَجِيزِ.

لَوْ اُسْتُحِقَّ الرَّهْنُ بَعْدَ هَلَاكِهِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ ضَمِنَ الْمُسْتَحَقَّ الرَّاهِنُ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَإِنْ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ يَبْطُلُ الرَّهْنُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ فَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِقِيمَةِ الرَّهْنِ، وَبِالدَّيْنِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ.

وَكَذَا لَوْ اسْتَعَارَ عَيْنًا لِيَرْهَنَهُ، وَقَدْ سَمَّى لَهُ الْمُعِيرُ قَدْرًا أَوْ جِنْسًا أَوْ مَكَانًا أَوْ مُرْتَهِنًا فَخَالَفَ الْمُسْتَعِيرُ وَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَالْمُعِيرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ، وَيَتِمُّ عَقْدُ الرَّهْنِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ، وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ بِمَا ضَمِنَ، وَبِالدَّيْنِ عَلَى الرَّاهِنِ مِنْ الْهِدَايَةِ.

رَجُلٌ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ، وَبِهِ رَهْنٌ عِنْدَهُ ثُمَّ إنَّهُمَا تَنَاقَضَا عَقْدَ الرَّهْنِ، وَلَمْ يَأْخُذْ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ فَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَهْلَكُ بِالدَّيْنِ، وَيَبْقَى الرَّهْنُ مَا بَقِيَ قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَفِي الْهِدَايَةِ لَوْ تَفَاسَخَا الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ مَا لَمْ يَقْضِ الدَّيْنَ أَوْ يُبْرِئْهُ وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ إلَّا بِالرَّدِّ عَلَى الرَّاهِنِ عَلَى وَجْهِ الْفَسْخِ لِأَنَّهُ يَبْقَى مَضْمُونًا مَا بَقِيَ الْقَبْضُ وَالدَّيْنُ، وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ سَقَطَ الدَّيْنُ إذَا كَانَ بِهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ لِبَقَاءِ الدَّيْنِ انْتَهَى.

وَفِي فَصْلِ التَّصَرُّفَاتِ الْفَاسِدَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ بِالتَّفَاسُخِ قَبْلَ رَدِّهِ فَيَضْمَنُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ، وَلِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ بَعْدَ الْفَسْخِ انْتَهَى.

وَلَوْ سَلَّمَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ إلَى رَاهِنِهِ لِيَبِيعَهُ بَطَلَ الرَّهْنُ، وَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ، وَالْأَصَحُّ بَقَاءُ الرَّهْنِ لِأَنَّهُ كَالْإِعَارَةِ مِنْ رَاهِنِهِ، وَهِيَ لَا تُبْطِلُ الرَّهْنَ، وَلَكِنْ يُبْطِلُ ضَمَانَهُ حَتَّى يُهْلِكَ أَمَانَةً فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِزَوَالِ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْفَاسِدَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ بِمَوْتِ الرَّاهِنِ، وَلَا بِمَوْتِ الْمُرْتَهِنِ، وَلَا بِمَوْتِهِمَا، وَيَبْقَى رَهْنًا عِنْدَ الْوَرَثَةِ، وَلَوْ وَضَعَ الرَّهْنَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ فَمَاتَ الْعَدْلُ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَيُوضَعُ الرَّهْنُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ آخَرَ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا فَإِنْ اخْتَلَفَا وَضَعَهُ الْقَاضِي عَلَى يَدِ عَدْلٍ.

وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ شَيْئًا، وَأَعْطَى بِالْأَجْرِ رَهْنًا جَازَ فَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا لِلْأَجْرِ، وَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ بَطَلَ الرَّهْنُ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَدُّ قِيمَةِ الرَّهْنِ، وَلَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَزْرَعَ الْأَرْضَ الْمَرْهُونَةَ فَزَرَعَ أَوْ يَسْكُنَ الدَّارَ الْمَرْهُونَةَ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ فَيَعُودَ رَهْنًا، وَمَا دَامَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ لَا يَكُونُ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ

رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا فَرَهَنَهُ بِدَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ، وَهَلَكَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ كَانَ لِلْمَالِكِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ تَمَّ الرَّهْنُ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِمَا ضَمِنَ، وَيَبْطُلَ الرَّهْنُ، وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ دَفَعَ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ إلَى رَجُلٍ وَدِيعَةً ثُمَّ رَهَنَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ فَهَلَكَ الرَّهْنُ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُ الْعَبْدِ، وَضَمَّنَ الْغَاصِبَ أَوْ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ فَرَجَعَ عَلَى الرَّاهِنِ جَازَ الرَّهْنُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَلَا يَبْطُلُ.

لَوْ أَوْدَعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ عِنْدَ إنْسَانٍ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ فَهُوَ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ إنْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُودَعِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِهَلَاكِهِ، وَلَوْ رَهَنَهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ مِنْ غَيْرِهِ، وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ يَخْرُجُ مِنْ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ مِنْ قَاضِي خَانْ قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ: وَصَارَ كَأَنَّ الْمُرْتَهِنَ الْأَوَّلَ اسْتَعَارَ مَالَ الرَّاهِنِ الْأَوَّلِ لِلرَّهْنِ فَرَهَنَهُ.

وَلَوْ رَهَنَهُ مُرْتَهِنُهُ بِلَا إذْنِ رَاهِنِهِ

<<  <   >  >>