للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ فَأَخَذَ صَاحِبُ دَيْنِ الْمَيِّتِ مِنْ الْمَدْيُونِ مِثْلَ حَقِّهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو نَصْرٍ: صَاحِبُ دَيْنِ الْمَيِّتِ يَكُونُ غَاصِبًا، وَيَصِيرُ مَا أَخَذَ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ لِأَنَّهُ أَخَذَ مَالَ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكُونُ غَاصِبًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِإِذْنِ الشَّرْعِ إلَّا أَنَّ الْمَأْخُوذَ يَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَيَكُونُ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ كَمَا لَوْ ظَفِرَ بِمَالِ الْمَدْيُونِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ.

رَجُلٌ قَالَ: إذَا تَنَاوَلَ فُلَانٌ مَالِي فَهُوَ لَهُ حَلَالٌ فَتَنَاوَلَ فُلَانٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ بِإِبَاحَتِهِ قَالَ أَبُو نَصْرٍ: يَجُوزُ ذَلِكَ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

وَلَوْ قَالَ: كُلُّ إنْسَانٍ تَنَاوَلَ مِنْ مَالِي فَهُوَ لَهُ حَلَالٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: لَا يَجُوزُ، وَإِنْ تَنَاوَلَ ضَمِنَ.

وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ هُوَ جَائِزٌ وَأَبُو نَصْرٍ جَعَلَ هَذَا إبَاحَةً، وَالْإِبَاحَةُ لِلْمَجْهُولِ جَائِزَةٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ جَعَلَهُ إبْرَاءً عَمَّا تَنَاوَلَهُ وَالْإِبْرَاءُ لِلْمَجْهُولِ بَاطِلٌ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي نَصْرٍ، وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: جَمِيعُ مَا تَأْكُلُ مِنْ مَالِي فَقَدْ جَعَلْتُك فِي حِلٍّ مِنْهُ يَكُونُ الْأَكْلُ حَلَالًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَلَوْ قَالَ: جَمِيعُ مَا تَأْكُلُ مِنْ مَالِي فَقَدْ أَبْرَأْتُك ذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ: إنَّهُ لَا يَصِحُّ هَذَا الْإِبْرَاءُ.

رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: أَنْتِ فِي حِلٍّ مِمَّا أَكَلْت مِنْ مَالِي أَوْ أَخَذْت أَوْ أَعْطَيْت حَلَّ لَهُ الْأَكْلُ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ.

رَجُلٌ قَالَ: أَذِنْت لِلنَّاسِ فِي ثَمَرِ نَخِيلِي فَمَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ فَبَلَغَ النَّاسَ، وَأَخَذُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُمْ؛ لِأَنَّ هَذِهِ إبَاحَةٌ.

رَجُلٌ قَالَ: أَبَحْت لِفُلَانٍ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِي، وَفُلَانٌ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ إنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ الْأَكْلُ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ إطْلَاقٌ، وَهُوَ لَا يَثْبُتُ قَبْلَ الْعِلْمِ، وَعَنْ الْبَعْضِ الْإِبَاحَةُ تَثْبُتُ قَبْلَ الْعِلْمِ مِنْ قَاضِي خَانْ.

غَصَبَ ثَوْبًا، وَلَبِسَهُ فَمَدَّهُ مَالِكُهُ، وَالْغَاصِبُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ الْمَالِكُ فَتَخَرَّقَ لَا يَضْمَنُ لَوْ تَخَرَّقَ مِنْ مَدِّهِ.

وَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ: رُدَّ ثَوْبِي فَأَبَى فَمَدَّهُ مَدًّا لَا يُمَدُّ مِثْلُهُ فَتَخَرَّقَ مِنْ شَدِّهِ لَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ أَيْضًا كَتَخْرِيقٍ بِسِكِّينٍ، وَلَوْ مَدَّهُ مَدًّا مُتَعَارَفًا ضَمِنَ الْغَاصِبُ نِصْفَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ مِنْ جِنَايَتِهِمَا، وَهَذَا لِأَنَّ الْإِبَاءَ وَالْإِمْسَاكَ، وَلَوْ لَمْ يُوضَعْ لِلْمَدِّ وَلَكِنْ بَعْدَ مَا طَلَبَهُ مَالِكُهُ فَمَنَعَهُ قَاصِدًا بِاللُّبْسِ مُدَّةً فَتَلِفَ بِمَدِّهِمَا.

وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ مِلْكًا لِمَنْ لَبِسَهُ فَمَدَّهُ رَجُلٌ مَدًّا يُمَدُّ مِثْلُهُ أَوَّلًا فَعَلَيْهِ جَمِيعُ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ التَّخْرِيقَ يُضَافُ إلَى مَدِّهِ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ مَدِّهِ تَخَرَّقَ. مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

تَشَبَّثَ بِثَوْبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَجَذَبَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ فَتَخَرَّقَ قَالَ مُحَمَّدٌ: يَضْمَنُ الْمُتَشَبِّثُ نِصْفَ قِيمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي جَذَبَهُ هُوَ الْمُتَشَبِّثُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ الثَّوْبُ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ.

جَلَسَ عَلَى ثَوْبِ رَجُلٍ، وَصَاحِبُ الثَّوْبِ لَا يَعْلَمُ بِهِ فَقَامَ صَاحِبُ الثَّوْبِ فَانْشَقَّ الثَّوْبُ مِنْ جُلُوسِ الْجَالِسِ كَانَ عَلَى الْجَالِسِ نِصْفُ ضَمَانِ الشَّقِّ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي رِوَايَةٍ يَضْمَنُ الشَّقَّ، وَالِاعْتِمَادُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

رَجُلٌ لَهُ كُرَّانِ مِنْ حِنْطَةٍ غَصَبَ رَجُلٌ أَحَدَهُمَا، وَذَهَبَ بِهِ ثُمَّ إنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ أَوْدَعَ الْغَاصِبَ الْكُرَّ فَخَلَطَهُ الْغَاصِبُ بِكُرِّ الْغَصْبِ ثُمَّ ضَاعَ الْكُلُّ ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ الْكُرَّ الَّذِي غَصَبَ وَلَا يَضْمَنُ الْوَدِيعَةَ.

رَجُلٌ فِي يَدِهِ دَرَاهِمُ يَنْظُرُ إلَيْهَا فَوَقَعَ بَعْضُهَا عَلَى دَرَاهِمِ غَيْرِهِ، وَاخْتَلَطَتْ كَانَ الَّذِي وَقَعَ الدَّرَاهِمُ مِنْ يَدِهِ غَاصِبًا ضَامِنًا، وَهَذِهِ جِنَايَةٌ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ مِنْ قَاضِي خَانْ.

لَوْ مَنَعَ رَجُلًا مِنْ دُخُولِ بَيْتِهِ أَوْ لَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْ أَخْذِ مَالَهُ لَمْ يَصِرْ غَاصِبًا، وَلَوْ حَالَ بَيْنَ إنْسَانٍ وَبَيْنَ أَمْلَاكِهِ

<<  <   >  >>