للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْبَائِعَ قِيمَتَهُ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُمْ حَتَّى كَانَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهُ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ الْمَوْلَى دَيْنَهُمْ وَالْبَائِعُ مُتْلِفٌ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَالْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ وَالتَّغْيِيبِ فَيُخَيَّرُونَ فِي التَّضْمِينِ، وَإِنْ شَاءُوا أَجَازُوا الْبَيْعَ وَأَخَذُوا الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ وَالْإِجَازَةُ اللَّاحِقَةُ كَالْإِذْنِ السَّابِقِ هَذِهِ فِي الْمَأْذُونِ، مِنْ الْهِدَايَةِ قَالَ قَاضِي خَانْ فِي الْمَأْذُونِ الْمَوْلَى إذَا بَاعَ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ وَهُوَ عَالِمٌ بِدُيُونِهِ كَانَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دُيُونِهِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِدُيُونِهِ، وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ فَصْلِ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ بَيْعُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا قَالَ فِي الْكِتَابِ بَيْعُهُ بَاطِلٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، وَمَعْنَى قَوْلُهُ بَاطِلٌ سَيَبْطُلُ وَإِذَا بَاعَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَجَازَ الْغُرَمَاءُ بَيْعَهُ صَحَّتْ إجَازَتُهُمْ وَيَهْلِكُ الثَّمَنُ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَلَوْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ الْبَيْعَ وَنَقَضَ بَعْضُهُمْ بِحَضْرَةِ الْعَبْدِ وَالْمُشْتَرِي لَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ انْتَهَى.

وَيَجُوزُ بَيْعُ الْوَارِثِ الرَّقَبَةَ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا وَأَمَّا بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُوصَى لَهُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَاهُ وَلَمْ يَنْقُلْ حَقَّهُ إلَى الثَّمَنِ إلَّا بِالرِّضَا كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ وَأَمَّا بَيْعُ الْعَبْدِ الْجَانِي فَقَدْ ذُكِرَ فِي الْجِنَايَاتِ.

بَيْعُ الْمُعَامَلَةِ وَبَيْعُ الْوَفَاءِ فَاسِدٌ وَيُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ وَيُقَالُ هُوَ رَهْنُ حَقِيقَةٍ حَتَّى لَا يُبَاحَ الِانْتِفَاعُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَيَضْمَنُ مَا أَكَلَ، أَوْ اسْتَهْلَكَ وَلِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُهُ إذَا قَضَى دَيْنَهُ مَتَى شَاءَ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي، وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَنْ الْقِيمَةِ بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالصَّحِيحِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى صَابُونًا رَطْبًا ثُمَّ تَفَاسَخَا الْمَبِيعَ فِيهِ وَقَدْ جَفَّ وَنَقَصَ وَزْنُهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا الْمَبِيعِ بَاقٍ، مِنْ الْخُلَاصَةِ.

دَفَعَ السِّمْسَارُ دَرَاهِمَ نَفْسِهِ إلَى الرستاقي ثَمَنَ دِبْسٍ، أَوْ قُطْنٍ، أَوْ حِنْطَةٍ لِيَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَعَجَزَ السِّمْسَارُ عَنْ أَخْذِهَا مِنْ الْمُشْتَرِي لِإِفْلَاسِهِ يَسْتَرِدُّهَا مِنْ الْآخِذِ اسْتِحْسَانًا بِهِ جَرَتْ الْعَادَةُ فِي بِلَادِنَا أَنَّ السِّمْسَارَ يَدْفَعُهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ حَتَّى يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَصَارَ كَمَا لَوْ أَحَالَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي نَصًّا قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالسَّمَاسِرَةُ فِي بُخَارَى قَوْمٌ لَهُمْ حَوَانِيتُ مُعَدَّةٌ لِلسَّمْسَرَةِ يَضَعُ فِيهَا أَهْلُ الرَّسَاتِيقِ مَا يُرِيدُونَ بَيْعَهُ مِنْ الْحُبُوبِ وَالْفَوَاكِهِ وَيَتْرُكُونَهَا فَيَبِيعُهَا السِّمْسَارُ ثُمَّ قَدْ يَتَعَجَّلُ الرستاقي الرُّجُوعَ فَيَدْفَعُ إلَيْهِ السِّمْسَارُ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ لِيَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَهَذَا صُورَتُهُ هَذِهِ فِي الْحَوَالَةِ، مِنْ الْقُنْيَةِ.

وَمَنْ بَاعَ دَارًا لِغَيْرِهِ فَأَدْخَلَهَا الْمُشْتَرِي فِي بِنَائِهِ لَا يَضْمَنُ الْبَائِعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ آخِرًا وَكَانَ يَقُولُ، أَوْ لَا يَضْمَنُ الْبَائِعُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي غَصْبِ الْعَقَارِ، مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَفِي قَاضِي خَانْ قُبَيْلَ أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ اخْتَلَفُوا فِي الْبَيْعِ الَّذِي يُسَمِّيه النَّاسُ بَيْعَ الْوَفَاءِ، أَوْ الْبَيْعَ الْجَائِزَ قَالَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ مِنْهُمْ السَّيِّدُ الْإِمَامُ أَبُو شُجَاعٍ وَالْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ حُكْمُهُ حُكْمُ الرَّهْنِ لَا يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي مَا أُكِلَ مِنْ ثَمَرِهِ وَلَا يُبَاحُ لَهُ الِانْتِفَاعُ وَلَا الْأَكْلُ إلَّا إنْ أَبَاحَهُ الْمَالِكُ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ بِهَلَاكِهِ إذَا كَانَ بِهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ إذَا هَلَكَ لَا بِصُنْعِهِ ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْعَقْدَ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ لَا يَكُونُ رَهْنًا ثُمَّ يَنْظُرُ إنْ ذَكَرَا شَرْطَ الْفَسْخِ فِي الْبَيْعِ فَسَدَ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ وَتَلَفَّظَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْوَفَاءِ، أَوْ تَلَفَّظَا بِالْبَيْعِ

<<  <   >  >>