للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ الْجُحُودِ أَلْفَانِ فَمَضَتْ السَّنَةُ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَلَيْهِ الْأَجْرَ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْعَبْدِ بَعْدَ سَنَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ هِشَامٌ فِيهِ خِلَافًا وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ عَلَيْهِ الْأَجْرَ فِيمَا مَضَى قَبْلَ الْجُحُودِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا بَعْدَهُ مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَالضَّمَانُ؟ قِيلَ: لَا يَجْتَمِعَانِ هُنَا قَالَ هِشَامٌ: إنَّمَا لَزِمَهُ الْأَجْرُ هُنَا لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ السَّنَةَ كُلَّهَا فَلَمَّا مَضَتْ السَّنَةُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ بَعْدَهَا فَلَمَّا لَمْ يَفْعَلْ صَارَ ضَامِنًا لِقِيمَتِهِ وَقَدْ كَانَ لَزِمَهُ الْأَجْرُ قَبْلَ أَنْ يَضْمَنَ الْقِيمَةَ هَذَا تَفْسِيرُ هِشَامٍ اهـ.

رَجُلٌ لَهُ أَجِيرٌ غَيْرُ مُدْرِكٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَدِّبَهُ إذَا رَأَى مِنْهُ بَطَالَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى قُلْتُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ لَوْ أَدَّبَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْأَبِ وَلَوْ بِالضَّرْبِ الْمُعْتَادِ لَوْ عَطِبَ وَطَعَامُ الْعَبْدِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِخِلَافِ عَلَفِ الدَّابَّةِ وَلِهَذَا لَوْ تَرَكَهَا بِلَا عَلَفٍ فَمَاتَتْ لَا يَضْمَنُ كَمَا مَرَّ عَنْ الْأَشْبَاهِ.

[الْقِسْمُ الثَّانِي فِي الْأَجِيرِ وَفِيهِ مُقَدِّمَة وَتِسْعَة عَشْر نَوْعًا]

[المقدمة فِي الْكَلَام عَلَى الْأَجِير الْمُشْتَرَك وَالْأَجِير الْخَاصّ]

(الْقِسْمُ الثَّانِي فِي الْأَجِيرِ)

الْأَجِيرُ عَلَى نَوْعَيْنِ: أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ وَأَجِيرٌ خَاصٌّ فَالْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِالْعَمَلِ لَا بِتَسْلِيمِ النَّفْسِ كَالْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ لِلْعَامَّةِ وَمِنْ هَذَا يُسَمَّى مُشْتَرَكًا وَالْمَتَاعُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ إنْ هَلَكَ بِغَيْرِ عَمَلِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَا أَجْرَ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا إذَا هَلَكَ بِسَبَبٍ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَالْعَدُوِّ الْمُكَابِرِ وَالْحَرِيقِ الْغَالِبِ لَا يَضْمَنُ لَهُمَا أَنَّ الْحِفْظَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ إذْ لَا يُمْكِنُهُ الْعَمَلُ بِدُونِهِ فَإِذَا هَلَكَ بِسَبَبٍ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَانَ التَّقْصِيرُ مِنْ جِهَتِهِ وَلَهُ أَنَّ الْعَيْنَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ بِإِذْنِهِ وَالْحِفْظَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا وَلِهَذَا لَا يُقَابِلُهُ الْأَجْرُ وَقِيلَ: قَوْلُهُ قَوْلُ عَلِيٍّ وَقَوْلُهُمَا قَوْلُ عَمْرٍو لِأَجْلِ اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ اخْتَارَ الْمُتَأَخِّرُونَ الْفَتْوَى بِالصُّلْحِ عَلَى النِّصْفِ كَمَا ذَكَرَهُ مُنْلَا خُسْرو وَغَيْرُهُ.

وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَأَئِمَّةِ سَمَرْقَنْدَ كَانُوا يُفْتُونَ بِالصُّلْحِ وَالشَّيْخُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ يُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.

قَالَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ: فَقُلْت لَهُ يَوْمًا مَنْ قَالَ مِنْهُمْ يُفْتِي بِالصُّلْحِ هَلْ يُوجِبُ إجْبَارَ الْخَصْمِ لَوْ امْتَنَعَ؟ قَالَ: كُنْت أُفْتِي بِالصُّلْحِ بِالْجَبْرِ فِي الِابْتِدَاءِ فَرَجَعْت لِهَذَا وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ أَنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْأَجِيرُ مُصْلِحًا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ وَإِنْ بِخِلَافِهِ يَجِبُ الضَّمَانُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُمَا وَإِنْ كَانَ مَسْتُورَ الْحَالِ يُؤْمَرُ بِالصُّلْحِ اهـ مَا فِي الْمُشْتَمِلِ وَإِنْ شُرِطَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ إنْ كَانَ الشَّرْطُ فِيمَا لَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ بِالْإِنْفَاقِ وَإِنْ كَانَ فِيمَا يُمْكِنُ فَعَلَى الْخِلَافِ وَبِقَوْلِهِمَا يُفْتَى الْيَوْمَ لِتَغَيُّرِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَبِهِ يَحْصُلُ صِيَانَةُ أَمْوَالِهِمْ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ نَقْلًا عَنْ التَّبْيِينِ وَفِيهِ أَيْضًا نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ وَالْمُحِيطِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا سَوَاءٌ شُرِطَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا أَوْ لَمْ يُشْرَطْ قُلْتُ: وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْوُقَايَةِ.

وَفِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ شُرِطَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ قِيلَ: يَضْمَنُهُ وِفَاقًا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ ابْنُ نُجَيْمٍ لِلْخِلَافِ بَلْ قَالَ: يَضْمَنُ فِي اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا.

قُلْتُ: وَلَعَلَّهُ اخْتَارَهُ ثُمَّ عِنْدَهُمَا إنْ شَاءَ ضَمِنَهُ مَعْمُولًا وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَا أَجْرَ لَهُ مِنْ الْوَجِيزِ قُلْتُ: يَعْنِي إذَا تَلِفَ بَعْدَ الْعَمَلِ

<<  <   >  >>