للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصَّيْرَفِيَّ ثُمَّ مَاتَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى وَرَثَتِهِ وَلَوْ قَالَ الصَّيْرَفِيُّ مَا أَوْدَعَنِي شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى وَارِثِهِ وَلَوْ مَاتَ الصَّيْرَفِيُّ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمُضَارِبَ دَفَعَهُ إلَى الصَّيْرَفِيِّ إلَّا بِقَوْلِهِ لَا يُصَدَّقُ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ، وَإِنْ دَفَعَهُ إلَى الصَّيْرَفِيِّ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ الصَّيْرَفِيِّ ثُمَّ مَاتَ الْمُضَارِبُ ثُمَّ مَاتَ الصَّيْرَفِيُّ، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ يَعْنِي مَاتَ مُجْهِلًا كَانَ دَيْنًا فِي مَالِ الصَّيْرَفِيِّ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُودَعِ. وَلَوْ مَاتَ الْمُضَارِبُ وَالصَّيْرَفِيُّ فَقَالَ رَدَدْتُهُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى الْمَيِّتِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْوَدِيعَةِ، وَفِيهَا أَيْضًا لِلْمُضَارِبِ وَالْمُسْتَبْضِعِ إذَا خَالَفَ، وَدَفَعَ الْمَالَ لِيُنْفِقَ إلَى حَاجَتِهِ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ عَادَ مُضَارِبًا وَمُسْتَبْضِعًا انْتَهَى.

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُبَاضَعَةِ]

(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُبَاضَعَةِ) لَيْسَ لِلْمُسْتَبْضِعِ شِرَاءُ شَيْءٍ بَعْدَ مَوْتِ الْمَالِكِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ.

أَرْسَلَ بِضَاعَةً مَعَ رَجُلٍ إلَى بَلْدَةٍ عِنْدَ رَجُلٍ آخَرَ وَقَالَ لَهُ خُذْ بَيْتًا لِأَجْلِ بِضَاعَتِي وَضَعْ بِضَاعَتِي فِيهِ، فَأَخَذَ بَيْتًا، وَوَضَعَ بِضَاعَتَهُ فِيهِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ ذَلِكَ الْبَيْتِ وَوَضَعَهُ فِي بَيْتِ نَفْسِهِ فَلَوْ اسْتَوَى الْبَيْتَانِ حِرْزًا يَبْرَأُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَآخِذٌ لِبِضَاعَتِهِ لَوْ تَرَكَهَا فِي حُجْرَةٍ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ، وَأَغْلَقَ الْبَابَ لَا يَضْمَنُ إذْ لَا يَلْزَمُهُ حَمْلُ الْبِضَاعَةِ.

جَمَاعَةٌ خَرَجُوا مِنْ بَلْدَةٍ، وَكَانَ أَكْلُهُمْ وَنُزُولُهُمْ فِي السَّفَرِ جُمْلَةً، وَمَعَ أَحَدِهِمْ بِضَاعَةٌ فَأَوْدَعَهُ عِنْدَ أَحَدِهِمْ ضَمِنَ إذْ لَمْ يَصِرْ بِهَذَا الْقَدْرِ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ فِي عِيَالِهِ وَلَوْ دَفَعَ إلَى آخَرَ بِضَاعَةً لِيَذْهَبَ بِهَا إلَى مَرْوَ فَبَاعَهَا فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ، وَذَهَبَ بِثَمَنِهَا إلَى مَرْوَ فَلَوْ اتَّحَدَ الثَّمَنَانِ لَا يَضْمَنُ لِلرِّضَا إذْ حَصَلَ الْغَرَضُ بِلَا ضَرَرٍ وَلَوْ لَمْ يَتَّحِدَا ضَمِنَ قِيمَةَ الْمَتَاعِ لِغَصْبِهِ بِبَيْعٍ وَتَسْلِيمٍ، وَيَضْمَنُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي لَوْ هَلَكَ الثَّمَنُ قَبْلَ قَبْضِهِ فِي الطَّرِيقِ.

أَبْضَعَهُ مَالًا يَشْتَرِي بِهِ شَيْئًا فَشَرَاهُ فَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ سُرْعَةٍ فَبَعَثَ الْبِضَاعَةَ مَعَ بَعْضِ مَالِهِ بِيَدِ رَجُلٍ لِيُوصِلَهَا إلَى الْمَالِكِ فَأُخِذَ هَذَا الْمَالُ فِي الطَّرِيقِ ظُلْمًا ضَمِنَ الْمُسْتَبْضِعُ.

أَبْضَعَهُ مَالًا يَشْتَرِي بِهِ شَيْئًا فَبَعَثَهُ الْمُسْتَبْضِعُ إلَى سِمْسَارٍ فَشَرَى بِهِ السِّمْسَارُ، وَبَعَثَهُ إلَى صَاحِبِهِ فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَبْضِعُ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ الْمَالِكُ أَنَّهُ بِضَاعَةٌ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ضَمِنَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ السِّمْسَارُ بِمَحْضَرٍ مِنْهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْتَبْضِعَ وَكِيلٌ فَوَّضَ إلَيْهِ الرَّأْيَ فَلَا يَضْمَنُ بِدَفْعِهِ إلَى آخَرَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَسْتَحْسِنُ أَنْ تُجْعَلَ الْبِضَاعَةُ كَمُضَارَبَةٍ.

كُلُّ مَا يَجُوزُ فِي الْمُضَارَبَةِ يَجُوزُ فِي الْبِضَاعَةِ لَكِنَّ الْمُضَارِبَ يَمْلِكُ بَيْعَ مَا شَرَى، وَالْمُسْتَبْضِعُ لَا يَمْلِكُ، وَكَذَا لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ وَالْإِبْضَاعَ فَلَوْ أَبْضَعَ فَمَالِكُهُ يَضْمَنُ أَيَّهُمَا شَاءَ وَلَوْ سَلَّمَ وَرَبِحَ فَكُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ.

وَلَوْ أَبْضَعَهُ أَلْفًا لِيَشْتَرِيَ بِهِ قِنًّا أَوْ غَيْرَهُ فَشَرَاهُ بِبَعْضِهِ، وَأَنْفَقَ بَعْضَهُ عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ، وَكَذَا فِي الْكِرَاءِ عَلَيْهِ. وَلَوْ شَرَى بِكُلِّهِ، وَأَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ كَانَ مُتَبَرِّعًا، وَكَذَا الْمُضَارِبُ وَلَوْ شَرَى بِبَعْضِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمِبْضَعُ ثُمَّ شَرَى بِالْبَاقِي أَوْ أَنْفَقَهُ فِي كِرَاهُ أَوْ نَفَقَةٍ فَفِي الشِّرَاءِ ضَمِنَ عَلِمَ بِمَوْتِهِ أَوْ لَا، وَفِي الْإِنْفَاقِ ضَمِنَ لَوْ عَلِمَ، وَإِلَّا ضَمِنَ قِيَاسًا لَا اسْتِحْسَانًا.

بَاعَ الْبِضَاعَةَ فَشَرَى بِثَمَنِهَا فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ أَمَرْتُك بِبَيْعٍ لَا بِشِرَاءٍ وَقَالَ الْمُسْتَبْضِعُ شَرَيْت لَك بِأَمْرِك صُدِّقَ رَبُّ الْمَالِ بِيَمِينِهِ.

بَاعَ الْمُسْتَبْضِعُ فَحَطَّ فَهُوَ كَوَكِيلِ الْبَيْعِ جَازَ عِنْدَهُمَا لَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

بَلَغَ الْمُسْتَبْضِعَ مَوْتُ الْمِبْضَعِ، وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ وَقَدْ اشْتَرَى رَقِيقًا بِمَالٍ الْبِضَاعَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الرَّقِيقِ مِنْ بَقِيَّةِ مَالِ الْبِضَاعَةِ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي هَذِهِ

<<  <   >  >>