للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي عَقْدِ مُزَارَعَةٍ آخَرَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ الْمُزَارِعُ أَوْلَى فِي مُدَّتِهِ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ الْبَذْرُ فَإِنْ أَجَازَ الْمُزَارِعُ الْبَيْعَ فَلَا أَجْرَ لِعَمَلِهِ وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ إنَّ إجَازَةَ الْمُزَارِعِ يَكُونُ كُلُّ النَّصِيبَيْنِ لِلْمُشْتَرِي يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ غَلَّةٌ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَكَذَا فِي الْكَرْمِ سَوَاءٌ ظَهَرَتْ الثِّمَارُ أَوْ لَمْ تَظْهَرْ. وَقِيلَ الْجَوَابُ فِي مَسْأَلَةِ الْأَرْضِ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمُزَارِعِ لَا يَجُوزُ فِي حَقِّهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَقَدْ أَلْقَى الْبَذْرَ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ فَارِغَةً يَجُوزُ وَكَذَا فِي الْكَرْمِ إنْ لَمْ تَظْهَرْ الثِّمَارُ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي ظَهِيرُ الدِّينِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ لَمْ يَزْرَعْ وَلَكِنَّ الْمُزَارِعَ كَرَبَ الْأَرْضَ وَحَفَرَ الْأَنْهَارَ وَغَيْرَ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَنْفُذُ بَيْعُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ بَاعَ الْكَرْمَ لَمْ يَنْفُذْ فِي حَقِّ الْعَامِلِ سَوَاءٌ عَمِلَ فِي الْكَرْمِ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

وَلَوْ اشْتَرَى قَرْيَةً وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهَا الْمَسْجِدَ وَالْمَقْبَرَةَ فَسَدَ الْبَيْعُ هَذَا إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ مَعْمُورًا فَإِنْ خَرِبَ مَا حَوْلَهُ وَاسْتَغْنَى النَّاسُ عَنْهُ لَا يَفْسُدُ.

وَإِنْ اشْتَرَى ضَيْعَةً وَفِيهَا قِطْعَةٌ مِنْ الْوَقْفِ لَا يَجُوزُ كَالْمَسْجِدِ ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ رُكْنُ الْإِسْلَامِ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ وَفِي التَّفْرِيدِ ذَكَرَ رُجُوعَهُمَا إلَى قَوْلِ رُكْنِ الْإِسْلَامِ هُوَ الْمُخْتَارُ.

وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا مَمْلُوكَةً مَعَ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ حِصَّةَ الْمَمْلُوكَةِ مِنْ الْمَوْقُوفَةِ مِنْ الثَّمَنِ يَجُوزُ فِي الْمَمْلُوكَةِ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ.

وَلَوْ اشْتَرَى مِلْكًا وَفِيهِ طَرِيقُ الْعَامَّةِ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَالطَّرِيقُ عَيْبٌ وَفِي الْمُنْتَقَى الطَّرِيقُ إنْ كَانَ لَيْسَ بِمَحْدُودٍ وَلَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ، فَسَدَ الْبَيْعُ.

وَلَوْ بَاعَ قَرْيَةً وَفِيهَا مَسْجِدٌ وَاسْتَثْنَى الْمَسْجِدَ فِي بَيْعِ الْقَرْيَةِ هَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْحُدُودِ فِي الْمَسْجِدِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وَبِهِ يُفْتَى وَاسْتِثْنَاءُ الْحِيَاضِ وَطَرِيقِ الْعَامَّةِ عَلَى هَذَا وَفِي الْمَقْبَرَةِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ إلَّا إذَا كَانَتْ رَبْوَةً كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى.

جَبَلٌ فِيهِ كِبْرِيتٌ فَحَمْلٌ مِنْهُ وَبَيْعٌ لَا بَأْسَ بِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ حَمَلَ مِنْ حَجَرِهِ فَبَاعَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِيهِ أَشْجَارُ فُسْتُقٍ فَحَمَلَ الْفُسْتُقَ فَبَاعَ وَكَذَلِكَ الْمِلْحُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَكَانُ مِلْكًا لِأَحَدٍ فَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي بَيْعِ الْحَيَوَانَاتِ]

بَيْعُ السَّمَكِ فِي الْبَحْرِ أَوْ الْبِئْرِ لَا يَجُوزُ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَظِيرَةٌ فَدَخَلَهَا السَّمَكُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَعَدَّهَا لِذَلِكَ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ أَعَدَّهَا لِذَلِكَ فَمَا دَخَلَهَا مِلْكُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَهُ ثُمَّ إنْ كَانَ يُؤْخَذُ بِغَيْرِ حِيلَةِ اصْطِيَادٍ جَازَ بَيْعُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُؤْخَذْ إلَّا بِحِيلَةٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَعَدَّهَا لِذَلِكَ لَا يَمْلِكُ مَا يَدْخُلُ فِيهَا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا أَنْ يَسُدَّ الْحَظِيرَةَ وَإِذَا دَخَلَ فَحِينَئِذٍ يَمْلِكُهُ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ يُؤْخَذُ بِلَا حِيلَةٍ جَازَ بَيْعُهُ وَإِلَّا لَا يَجُوزُ وَلَوْ لَمْ يُعِدَّهَا لِذَلِكَ وَلَكِنْ أَخَذَهُ ثُمَّ أَرْسَلَهُ فِي الْحَظِيرَةِ مَلَكَهُ فَإِنْ كَانَ يُؤْخَذُ بِلَا حِيلَةٍ جَازَ بَيْعُهُ أَوْ بِحِيلَةٍ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ جَازَ بَيْعُ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَرَآهُ فَلَهُ الْخِيَارُ وَإِذَا أَخَذَ سَمَكَةً وَجَعَلَهَا فِي جُبِّ مَاءٍ فَالْجَوَابُ فِيهِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قُلْنَا فِي الْحَظِيرَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِنْ كَانَتْ فِي نَهْرٍ عَظِيمٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِحَالٍ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّسْلِيمِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ لَوْ مَلَكَ السَّمَكَةَ ثُمَّ انْفَلَتَتْ مِنْ يَدِهِ فَوَقَعَتْ فِي النَّهْرِ غَيْرَ أَنَّ هَهُنَا إنْ قَدَرَ عَلَى التَّسْلِيمِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَقَبْلَ أَنْ يَفْسَخَا الْعَقْدَ جَازَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الرُّؤْيَةِ سَوَاءٌ رَآهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَرَهَا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ وَقَالَ مَشَايِخُ بَلْخٍ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّسْلِيمِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.

وَإِنْ كَانَ فِي الْحَظِيرَةِ سَمَكٌ وَقَصَبٌ وَبَاعَ السَّمَكَ وَالْقَصَبَ جُمْلَةً فَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ أَخْذُ السَّمَكِ إلَّا بِصَيْدٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي الْكُلِّ اصْطَادَ السَّمَكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>