للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَرَثَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ مُشْتَرِي الدَّرَاهِمَ شَيْئًا مِنْ الدَّرَاهِمِ تَرُدُّ الْوَرَثَةُ دِينَارَهُ، وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ ذَلِكَ الدِّينَارِ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا، فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَتَفَرَّقَا وَلَمْ يَمُتْ الْمَرِيضُ فَزَادَهُ الْمُشْتَرِي تِسْعَةً وَخَمْسِينَ دِينَارًا وَتَقَابَضَا فَهُوَ جَائِزٌ كُلُّهُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ دِينَارٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ.

وَإِنْ كَانَ الْمَرِيضُ وَكَّلَ وَكِيلًا فَبَاعَهَا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ بِدِينَارٍ، ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ قَبْلَ أَنْ يَتَقَابَضَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي: أَنَا آخُذُ تِسْعَمِائَةٍ بِتِسْعِينَ دِينَارًا فَهُوَ جَائِزٌ إذَا رَضِيَ بِهِ الْوَكِيلُ قَالُوا تَأْوِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَرِيضَ وَكَّلَ هَذَا الرَّجُلَ بِبَيْعِ الدَّرَاهِمِ وَفَوَّضَ الرَّأْيَ إلَيْهِ بِأَنْ قَالَ: اعْمَلْ فِيهَا بِرَأْيِك أَوْ قَالَ مَا صَنَعْت فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ حَتَّى يَكُونَ بَيْعُ الْوَكِيلِ جَائِزًا عَلَى الْمَرِيضِ مَعَ الْمُحَابَاةِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلِهِ بَيْعِ الْمَرِيضِ فَإِذَا زَادَ الْمُشْتَرِي وَرَفَعَ الْمُحَابَاةَ يَجُوزُ فَأَمَّا إذَا لَمْ يُفَوِّضْ إلَيْهِ الرَّأْيَ لَمْ يُجِزْ، وَإِنْ زَادَ الْمُشْتَرِي عَلَى اخْتِلَاف الْمَذْهَبَيْنِ أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالصَّرْفِ وَكِيلٌ بِالْبَيْعِ مِنْ وَجْهٍ وَبِالشِّرَاءِ مِنْ وَجْهٍ وَبِأَيِّ ذَلِكَ اعْتَبَرْنَاهُ لَا تُتَحَمَّلُ مِنْهُ الْمُحَابَاةُ الْفَاحِشَةُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الْمَرِيضِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْبَيْعِ مِنْ وَجْهٍ وَبِالشِّرَاءِ مِنْ وَجْهٍ فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَكِيلٌ بِالْبَيْعِ إنْ جَازَ تَصَرُّفُهُ مَعَ الْمُحَابَاةِ عَلَى الْمَرِيضِ فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَكِيلٌ بِالشِّرَاءِ لَمْ يُجِزْ تَصَرُّفُهُ مَعَ الْمُحَابَاةِ عَلَى الْمَرِيضِ فَوَقَعَ الشَّكُّ فِي جَوَازِ تَصَرُّفِهِ عَلَى الْمَرِيضِ فَلَا يَجُوزُ بِالشَّكِّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِذَا اشْتَرَى مِنْ الْمَرِيضِ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَتَقَابَضَا، ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ مِنْ مَرَضِهِ فَهَذَا رِبًا، وَهُوَ بَاطِلٌ مِنْ الصَّحِيحِ، وَالْمَرِيضِ جَمِيعًا وَلِلَّذِي أَعْطَى الْمِائَةَ أَنْ يُمْسِكَ الْمِائَةَ مِنْ الْأَلْفِ بِمِائَتِهِ وَيَرُدَّ الْفَضْلَ وَلَا وَصِيَّةَ لَهُ هُنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ قَالُوا وَهَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا: إنَّ الْمَقْبُوضَ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِحُكْمِ عَقْدٍ فَاسِدٍ لَا يَتَعَيَّنُ لِلرَّدِّ فَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا إنَّ الْمَقْبُوضَ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِحُكْمِ عَقْدٍ فَاسِدٍ يَتَعَيَّنُ لِلرَّدِّ فَعَلَى الَّذِي أَعْطَى الْمِائَةَ أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَ الْأَلْفِ الْمَقْبُوضَةِ عَلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِمِائَتِهِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ كَانَ أَعْطَى مِنْ الْمِائَةِ ثَوْبًا أَوْ دِينَارًا كَانَ ذَلِكَ بَيْعًا صَحِيحًا فَإِنْ مَاتَ الْمَرِيضُ وَأَبَتْ الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا يُخَيَّرُ صَاحِبُ الدِّينَارِ، وَالثَّوْبِ فَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ كَانَ لَهُ مِنْ الْأَلْفِ مِائَةُ مَكَان مِائَتِهِ وَقِيمَةُ الدِّينَارِ أَوْ الْعَرْضِ بِطَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ وَثُلُثُ الْأَلْفِ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ إذَا كَانَ الدِّينَارُ، وَالْأَلْفُ قَائِمَيْنِ فِي أَيْدِي الْوَرَثَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ إنْ كَانَا هَالِكَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِذَا كَانَ لِلْمَرِيضِ إبْرِيقُ فِضَّةٍ فِيهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ بِالدَّنَانِيرِ عِشْرُونَ دِينَارًا فَبَاعَهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ قِيمَتُهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ وَأَبَتْ الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ثُلُثَيْ الْإِبْرِيقِ بِثُلُثَيْ الْمِائَةِ وَثُلُثَهُ لِلْوَرَثَةِ كَذَا فِي الْحَاوِي.

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الصَّرْفِ مَعَ مَمْلُوكِهِ وَقَرَابَتِهِ وَشَرِيكِهِ]

ِ وَمُضَارِبِهِ وَصَرْفُ الْقَاضِي وَأَمِينِهِ وَوَكِيلِهِ وَصَرْفِ الْوَصِيِّ لَيْسَ بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ رِبًا فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَلَيْسَ بَيْنَهُمَا رِبًا أَيْضًا وَلَكِنْ عَلَى الْمَوْلَى أَنْ يَرُدَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>