للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلَيْنِ تَقَدَّمَا إلَى الْقَاضِي فِي أَمْرٍ وَظَنَّ الْقَاضِي أَنَّهُمَا تَقَدَّمَا إلَيْهِ لِيَعْلَمَا مَا يَقْضِي بِهِ فِي ذَلِكَ أَقَامَهُمَا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ لِنَفْسِهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فَفِي قَوْلِهِ " لِنَفْسِهِ " إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ لِيَتِيمٍ، أَوْ مَيِّتٍ مَدْيُونٍ، وَلَوْ بَاعَ وَاشْتَرَى لِنَفْسِهِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَنَا، وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ لَا فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَلَا فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُسَاهِلُونَهُ لِأَجْلِ الْقَضَاءِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُوَلِّيَ لِذَلِكَ غَيْرَهُ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ إلَّا مِنْ صَدِيقٍ أَوْ خَلِيطٍ لَهُ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَقْضِيَ فَلَا يُخَاصِمُ إلَيْهِ وَلَا يَتَّهِمُهُ أَنَّهُ يُعِينُ خَصْمًا، وَكَذَلِكَ الِاسْتِعَارَةُ، وَيُشَيِّعُ الْجِنَازَةَ وَيَعُودُ الْمَرِيضَ، وَلَكِنْ لَا يُطِيلُ مُكْثَهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، وَلَا يُمَكِّنُ أَحَدًا مِنْ الْخُصُومِ يَتَكَلَّمُ مَعَهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بِشَيْءٍ مِنْ الْخُصُومَاتِ.

وَفِي السِّغْنَاقِيِّ، وَإِنَّمَا يَعُودُ الْمَرِيضَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَرِيضُ مِنْ الْمُتَخَاصِمِينَ، أَمَّا إذَا كَانَ مِنْهُمْ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَكُونَ فَظًّا غَلِيظًا جَبَّارًا عَنِيدًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْثُوقًا بِهِ فِي عَفَافِهِ وَعَقْلِهِ وَصَلَاحِهِ وَفَهْمِهِ وَعِلْمِهِ بِالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ وَوُجُوهِ الْفِقْهِ، وَيَكُونَ شَدِيدًا مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ لَيِّنًا مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيَأْمُرُ أَعْوَانَهُ بِالرِّفْقِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

وَفِي الْيَنَابِيعِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَ النَّاسِ وَهُوَ غَضْبَانُ كَذَلِكَ لَا يَقْضِي إذَا دَخَلَهُ نُعَاسٌ وَلَا يَقْضِي وَهُوَ جَائِعٌ أَوْ عَطْشَانُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَجْهُ الْقَضَاءِ بَيِّنًا، فَأَمَّا إذَا كَانَ وَجْهُ الْقَضَاءِ بَيِّنًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْضِيَ، وَعَنْ هَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِالصَّوْمِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يُرِيدُ فِيهِ الْجُلُوسَ لِلْقَضَاءِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَلَا يَقْضِي حَالَ شَغْلِ قَلْبِهِ بِفَرَحٍ أَوْ حَاجَةٍ إلَى الْجِمَاعِ أَوْ بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ شَدِيدٍ أَوْ مُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.

وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَجْلِسَ لِلْقَضَاءِ، وَهُوَ ضَجِرٌ أَوْ كَظِيظٌ مِنْ الطَّعَامِ فَإِنْ عَرَضَ لَهُ هَمٌّ، أَوْ غَضَبٌ، أَوْ نُعَاسٌ كَفَّ حَتَّى يَذْهَبَ ذَلِكَ عَنْهُ فَيَكُونَ جُلُوسُهُ عِنْدَ اعْتِدَالِ أَمْرِهِ وَيَجْعَلَ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَفَهْمَهُ وَقَلْبَهُ إلَى الْخُصُومِ غَيْرَ مُعَجِّلٍ لَهُمْ (١) ، وَلَا يُخَوِّفُ إيَّاهُمْ فَإِنَّ الْخَوْفَ يَقْطَعُ حُجَّةَ الرَّجُلِ كَذَا فِي الْكَافِي (٢) .

(فِقْهٌ حَنَفِيٌّ) وَيَخْرُجُ فِي أَحْسَنِ ثِيَابِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَيَقْضِي، وَهُوَ جَالِسٌ مُتَّكِئًا، أَوْ مُتَرَبِّعًا كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

وَلَكِنَّ الْقَضَاءَ مُسْتَوِيًا أَفْضَلُ تَعْظِيمًا لِأَمْرِ الْقَضَاءِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُتْعِبَ نَفْسَهُ فِي طُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>