للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ الْقَاضِيَ يُجِيبُ الدَّعْوَى الْخَاصَّةَ فِي الْمَحْرَمِ وَهَكَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي.

وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُجِيبُ الدَّعْوَى الْخَاصَّةَ مِنْ الْقَرِيبِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُجِيبُ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ صَاحِبَ الدَّعْوَةِ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَّخِذُ الدَّعْوَةَ لِلْقَاضِي قَبْلَ تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ لَا يُجِيبُ دَعْوَتَهُ، الْقَرِيبُ وَالْأَجْنَبِيُّ فِيهِ سَوَاءٌ، وَإِذَا كَانَ يَتَّخِذُ الدَّعْوَةَ قَبْلَ الْقَضَاءِ فِي شَهْرٍ مَرَّةً وَبَعْدَ الْقَضَاءِ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً فَالْقَاضِي لَا يُجِيبُ دَعْوَتَهُ إلَّا فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ زَادَ فِي الْبَاجَاتِ بَعْدَ الْقَضَاءِ عَلَى مَا كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ فَالْقَاضِي لَا يُجِيبُ الدَّعْوَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَالُ صَاحِبِ الدَّعْوَى قَدْ ازْدَادَ فَبِقَدْرِ مَا ازْدَادَ مِنْ مَالِهِ ازْدَادَ فِي الْبَاجَاتِ فَالْقَاضِي يُجِيبُهُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ لِصَاحِبِ الدَّعْوَى خُصُومَةٌ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ لِصَاحِبِ الدَّعْوَى خُصُومَةٌ لَا يُجِيبُ دَعْوَتَهُ وَإِنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ أَوْ مُبَاسَطَةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَأَمَّا الدَّعْوَةُ الْعَامَّةُ إنْ كَانَتْ بِدْعَةً كَدَعْوَةِ الْمُبَارَأَةِ وَنَحْوِهَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُحْضِرَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِغَيْرِ الْقَاضِي إجَابَتُهَا فَالْقَاضِي أَوْلَى، وَإِنْ كَانَتْ سُنَّةً كَوَلِيمَةِ الْعُرْسِ، وَالْخِتَانِ فَإِنَّهُ يُجِيبُهَا؛ لِأَنَّهُ إجَابَةُ السُّنَّةِ وَلَا تُهْمَةَ فِيهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا الْفَصْلِ الرِّشْوَةُ) وَاعْلَمْ بِأَنَّ الرِّشْوَةَ أَنْوَاعٌ.

مِنْهَا أَنْ يُهْدِيَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ مَالًا لَا لِابْتِغَاءِ التَّوَدُّدِ وَالتَّحَبُّبِ وَهَذَا النَّوْعُ حَلَالٌ مِنْ جَانِبِ الْمُهْدِي وَالْمُهْدَى إلَيْهِ.

وَنَوْعٌ مِنْهَا أَنْ يُهْدِيَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ مَالًا بِسَبَبِ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ قَدْ خَوَّفَهُ فَيُهْدِي إلَيْهِ مَالًا لِيَدْفَعَ الْخَوْفَ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ يُهْدِي إلَى السُّلْطَانِ مَالًا لِيَدْفَعَ الظُّلْمَ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ عَنْ مَالِهِ وَهَذَا نَوْعٌ لَا يَحِلُّ الْأَخْذُ لِأَحَدٍ، وَإِذَا أَخَذَ يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَعِيدِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَهَلْ يَحِلُّ لِلْمُعْطِي الْإِعْطَاءُ.؟

عَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ مَالَهُ وِقَايَةً لِنَفْسِهِ، أَوْ يَجْعَلُ بَعْضَ مَالِهِ وِقَايَةً لِلْبَاقِي.

وَنَوْعٌ مِنْهَا أَنْ يُهْدِيَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ مَالًا لِيُسَوِّيَ أَمْرَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّلْطَانِ وَيُعِينُهُ فِي حَاجَتِهِ، وَإِنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ.

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ حَاجَتُهُ حَرَامًا، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَحِلُّ لِلْمُهْدِي الْإِعْطَاءُ وَلَا لِلْمُهْدَى إلَيْهِ الْأَخْذُ.

الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ حَاجَتُهُ مُبَاحَةً وَإِنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا.

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّهُ إنَّمَا يُهْدِي إلَيْهِ لِيُعِينَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ الْأَخْذُ وَهَلْ يَحِلُّ لِلْمُعْطِي الْإِعْطَاءُ.؟

تَكَلَّمُوا فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَحِلُّ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَحِلُّ، وَالْحِيلَةُ فِي الْأَخْذِ وَحِلِّ الْإِعْطَاءِ عِنْدَ الْكُلِّ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ صَاحِبُ الْحَادِثَةِ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ لِيَقُومَ بِعَمَلِهِ بِالْمَالِ الَّذِي يُرِيدُ الدَّفْعَ إلَيْهِ فَتَصِحَّ الْإِجَارَةُ وَيَسْتَحِقَّ الْأَجِيرُ الْأَجْرَ، ثُمَّ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ اسْتَعْمَلَهُ فِي هَذَا الْعَمَلِ وَإِنْ شَاءَ اسْتَعْمَلَهُ فِي عَمَلٍ آخَرَ، قَالُوا: وَهَذِهِ الْحِيلَةُ إنَّمَا تَصِحُّ إذَا كَانَ الْعَمَلُ الَّذِي يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ عَمَلًا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ كَتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّةَ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهَلْ يَحِلُّ لِلْمُعْطِي الْإِعْطَاءُ بِدُونِ هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>