للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَاضِي إذَا عَلِمَ بِحَادِثَةٍ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا قَاضٍ فِي حَالِ قَضَائِهِ، ثُمَّ رُفِعَتْ إلَيْهِ تِلْكَ الْحَادِثَةُ وَهُوَ فِي قَضَائِهِ بَعْدُ يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا فِي الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْأَقْضِيَةِ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا عَلِمَ بِحَادِثَةٍ فِي حَالِ قَضَائِهِ وَفِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ، مِصْرَهُ لَا الْمَكَانَ الَّذِي يَقْضِي فِيهِ لَا مَحَالَةَ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا عَلِمَ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا قَاضٍ فِي حَالِ قَضَائِهِ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ أَوْ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ وَأَرَادَ بِمَجْلِسِ قَضَائِهِ الْمَكَانَ الَّذِي يَقْضِي فِيهِ وَبِغَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ الْمَكَانَ الَّذِي لَا يَقْضِي فِيهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ أَمَّا فِي الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ نَحْوُ حَدِّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ فَيَقْضِي بِعِلْمِهِ قِيَاسًا وَلَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ اسْتِحْسَانًا وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إلَّا فِي السَّرِقَةِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالْمَالِ دُونَ الْقَطْعِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ يَقْضِي بِعِلْمِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا أُتِيَ بِالسَّكْرَانِ فَالْقَاضِي يُعَزِّرُهُ لِأَجْلِ التُّهْمَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ أَمَارَاتِ السُّكْرِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ حَدًّا.

وَأَمَّا إذَا عَلِمَ بِحَادِثَةٍ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ ثُمَّ اُسْتُقْضِيَ وَرُفِعَتْ إلَيْهِ تِلْكَ الْحَادِثَةُ وَهُوَ قَاضٍ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَقْضِي بِذَلِكَ الْعِلْمِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَقْضِي وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ عَلِمَ بِحَادِثَةٍ وَهُوَ قَاضٍ وَلَكِنْ هُوَ فِي مِصْرٍ هُوَ لَيْسَ بِقَاضٍ فِيهِ ثُمَّ حَضَرَ مِصْرَهُ الَّذِي هُوَ قَاضٍ فِيهِ ثُمَّ رُفِعَتْ إلَيْهِ تِلْكَ الْحَادِثَةُ وَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ الْعِلْمِ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي مَرَّ.

وَلَوْ عَلِمَ بِحَادِثَةٍ وَهُوَ قَاضٍ وَلَكِنْ فِي رَسَاتِيقِ الْمِصْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ قَاضٍ ثُمَّ دَخَلَ الْمِصْرَ وَرُفِعَتْ إلَيْهِ تِلْكَ الْحَادِثَةُ لَا شَكَّ أَنَّ عَلَى قَوْلِهِمَا يَقْضِي بِذَلِكَ الْعِلْمِ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالَ: إذَا لَمْ يَكُنْ مُقَلَّدًا عَلَى الْقُرَى حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي الْمِصْرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي الْقُرَى لَا يَقْضِي بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ عَلِمَ بِحَادِثَةٍ فِي مِصْرٍ هُوَ لَيْسَ بِقَاضٍ فِيهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مِصْرِهِ الَّذِي هُوَ قَاضٍ فِيهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُقَلَّدًا عَلَى الْقُرَى بِأَنْ كَانَ فِي مَنْشُورِ تَقْلِيدِ الْبَلْدَةِ وَنَوَاحِيهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ، وَهَذَا الْقَوْلُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الْمِصْرَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِنَفَاذِ الْقَضَاءِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنْ كَانَ مُقَلَّدًا عَلَى الْقُرَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ الْعِلْمِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا الْقَوْلُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الْمِصْرَ شَرْطٌ لِنَفَاذِ الْقَضَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي الْمُنْتَقَى.

وَمَا سَمِعَ خَارِجًا مِنْ الْمِصْرِ فِي أَيِّ وَجْهٍ خَرَجَ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَرَجَ لِلْعِيدَيْنِ، وَكَأَنَّهُ سَمِعَ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ وَهَذَا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا إذَا عَلِمَ وَهُوَ قَاضٍ فِي مِصْرٍ ثُمَّ عُزِلَ عَنْ الْقَضَاءِ ثُمَّ أُعِيدَ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ يَقْضِي بِذَلِكَ الْعِلْمِ لَا شَكّ أَنَّ عَلَى قَوْلِهِمَا يَقْضِي، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يَقْضِي وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>