للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ شَاهِدٍ عَلَى إقْرَارِ رَجُلٍ يَقُولُ: أَعْرِفُ خَطِّيَّ وَأَعْرِفُ الرَّجُلَ غَيْرَ أَنِّي لَا أَذْكُرُ الْوَقْتَ وَالْمَكَانَ قَالَ: إذَا عَلِمَ أَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى ذَلِكَ وَعَرَفَ الْمُقِرَّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ كَانَ أُمِّيًّا وَكَتَبَ لَهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْ وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ رِوَايَةُ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا وَجَدَ الرَّجُلُ سَمَاعَهُ مَكْتُوبًا فِي مَوْضِعٍ لَكِنْ لَا يَتَذَكَّرُ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَرْوِيَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَهُ أَنْ يَرْوِيَ فَشَرْطُ الرِّوَايَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَحْفَظَ الْحَدِيثَ مِنْ حِينِ سَمِعَ إلَى أَنْ يَرْوِيَ وَعِنْدَهُمَا الْحِفْظُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

ذَكَرَ الْخَصَّافُ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ ضَاعَ مَحْضَرُ رَجُلٍ مِنْ دِيوَانِ الْقَاضِي وَفِيهِ شَهَادَةُ شُهُودٍ لَهُ بِحَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ وَالْقَاضِي لَا يَذْكُرُ ذَلِكَ فَشَهِدَ كَاتِبَاهُ عَلَى قَضَائِهِ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ شَهِدُوا عِنْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ. فَرْقٌ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا إذَا ضَاعَ سِجِلٌّ مِنْ دِيوَانِ الْقَضَاءِ فَشَهِدَ كَاتِبَاهُ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ أَمْضَى ذَلِكَ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَقْبَلَ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ لِرَجُلٍ فَشَهِدَ الْكَاتِبَانِ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ هَذَا أَقَرَّ عِنْدَك لِهَذَا بِكَذَا وَقَدْ سَمِعْنَاهُ قَبِلَ الْقَاضِي وَقَضَى بِشَهَادَتِهِمَا وَمَا وَجَدَ الْقَاضِي فِي دِيوَانِ قَاضٍ كَانَ قَبْلَهُ مِنْ إقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَعْمَلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُنَفِّذُهُ حَتَّى يَسْتَقْبِلُوا الْخُصُومَةَ عِنْدَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِمَا يَجِدُ فِي دِيوَانِ قَاضٍ قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ مَخْتُومًا، كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

وَلَوْ أَنَّ قَاضِيًا عُزِلَ عَنْ الْقَضَاءِ ثُمَّ رُدَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي بِشَيْءٍ مِمَّا كَانَ فِي دِيوَانِهِ الْأَوَّلِ مِنْ الْقَضَاءِ لِإِنْسَانٍ عَلَى إنْسَانٍ إذَا لَمْ يَذْكُرْ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ ذَكَرَهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، فَأَمَّا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِحَقٍّ عِنْدَهُ لِإِنْسَانٍ عَلَى إنْسَانٍ فَقَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ بِهَا عُزِلَ ثُمَّ أُعِيدَ إلَى الْقَضَاءِ فَرُفِعَتْ إلَيْهِ تِلْكَ الْخُصُومَةُ، فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يُكَلَّفُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ تَذَكَّرَ أَوْ لَمْ يَتَذَكَّرْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

[الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْقَاضِي يَقْضِي بِقَضِيَّةٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهَا]

وَفِي وُقُوعِ الْقَضَاءِ بِغَيْرِ حَقٍّ. إذَا قَضَى الْقَاضِي بِقَضِيَّةٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهَا فَإِنْ كَانَ الَّذِي قَضَى بِهِ خَطَأً لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْفُقَهَاءُ رَدَّهُ لَا مَحَالَةَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْفُقَهَاءُ أَمْضَاهُ لَا مَحَالَةَ وَقَضَى فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِمَا يَرَى، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

وَاعْلَمْ بِأَنَّ التَّحَوُّلَ مِنْ رَأْيٍ إلَى رَأْيٍ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ جَائِزٌ. ثُمَّ قَضَاءُ الْقَاضِي إذَا وَقَعَ بِخِلَافِ الْحَقِّ لَا يَخْلُو عَنْ وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ أَخْطَأَ فِيمَا قَضَى أَوْ تَعَمَّدَ الْجَوْرَ فِيمَا يَقْضِي وَأَقَرَّ بِذَلِكَ فَإِنْ أَخْطَأَ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ، فَإِنْ أَخْطَأَ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ إنْ أَمْكَنَ التَّدَارُكُ وَالرَّدُّ بِأَنْ قَضَى بِمَالٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ ثُمَّ ظَهَرَ خَطَؤُهُ بِأَنْ ظَهَرَ بِأَنَّ الشُّهُودَ عَبِيدٌ أَوْ كُفَّارٌ أَوْ مَحْدُودُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>