للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي لِوَكِيلِهِ وَلَا لِوَكِيلِ وَكِيلِهِ وَلَا لِوَكِيلِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ وَالْقَضَاءُ لِنَفْسِهِ وَعَلَى نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَفِي الْمُنْتَقَى ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ وَسَبِيلُ الْقَاضِي أَنْ يَرُدَّ الْخُصُومَةَ إلَى الصُّلْحِ إذَا لَمْ يَسْتَبِنْ لَهُ فَصْلُ الْقَضَاءِ وَإِذَا اسْتَبَانَ لَهُ فَصْلُ الْقَضَاءِ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يَقْضِي وَلَا يَرُدُّهُمْ إلَى الصُّلْحِ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ إذَا طَمِعَ فِي الصُّلْحِ حَالَ اسْتِبَانَةِ وَجْهَ الْقَضَاءِ رَدَّهُمْ إلَى الصُّلْحِ وَلَا يَقْضِي مَا لَمْ يَيْأَسْ عَنْ الصُّلْحِ. وَذَكَرَ آخِرَ أَدَبِ الْقَاضِي: وَإِذَا طَمِعَ الْقَاضِي فِي إصْلَاحِ الْخَصْمَيْنِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَرُدَّهُمْ وَلَا يُنَفِّذَ الْحُكْمَ عَلَيْهِمْ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّهُمْ بِأَكْثَرَ مِنْ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ فِي الصُّلْحِ أَنْفَذَ الْقَضَاءَ بَيْنَهُمْ وَإِنْ أَنْفَذَ الْقَضَاءَ بَيْنَهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرُدَّهُمْ فَهُوَ فِي سِعَةٍ مِنْهُ يُرِيدُ بِهِ وَإِنْ طَمِعَ فِي الصُّلْحِ.

وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ إذَا كَانَ الْقَاضِي يَتَوَلَّى الْقِسْمَةَ بِنَفْسِهِ حَلَّ لَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ وَكُلُّ نِكَاحٍ بَاشَرَهُ الْقَاضِي وَقَدْ وَجَبَتْ مُبَاشَرَتُهُ عَلَيْهِ كَنِكَاحِ الصِّغَارِ وَالصَّغَائِرِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ، وَمَا لَمْ تَجِبْ مُبَاشَرَتُهُ عَلَيْهِ حَلَّ لَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِهِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ إذَا عَقَدَ بِكْرًا يَأْخُذُ دِينَارًا وَفِي الثَّيِّبِ نِصْفَ دِينَارٍ وَيَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ هَكَذَا قَالُوا، كَذَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ.

وَإِذَا أَذِنَ بِبَيْعِ مَالِ الْيَتِيمِ لِمَصْلَحَةِ الْيَتِيمِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَجْرَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ لِأَجْلِ هَذَا الْإِذْنِ، وَلَوْ أَخَذَ وَأَذِنَ بِالْبَيْعِ لَا يَنْفُذُ بَيْعُهُ.

غَرِيبٌ مَاتَ فِي بَلْدَةٍ وَتَرَكَ أَمْوَالًا فَقَاضِي الْبَلْدَةِ يَتَرَبَّصُ مُدَّةً يَقَعُ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ لَحَضَرَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، فَإِذَا تَرَبَّصَ مِثْلَ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلَمْ يَحْضُرْ لَهُ وَارِثٌ يَضَعْهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَيَصْرِفْهَا إلَى الْقَنَاطِرِ وَنَفَقَةِ الْأَيْتَامِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، وَإِذَا حَضَرَ الْوَارِثُ بَعْدَمَا صَرَفَهَا إلَى هَذِهِ الْمَصَارِفِ يَقْضِي حَقَّهُ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: إذَا ارْتَابَ الْقَاضِي فِي أَمْرِ الشُّهُودِ فَرَّقَ بَيْنَهُمْ وَلَا يَسَعُهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَيَسْأَلُهُمْ أَيْضًا أَيْنَ كَانَ هَذَا وَمَتَى كَانَ هَذَا؟ وَيَكُونُ هَذَا السُّؤَالُ بِطَرِيقِ الِاحْتِيَاطِ وَإِنْ كَانَ لَا يَجِبُ هَذَا عَلَى الشُّهُودِ فِي الْأَصْلِ فَإِذَا فَرَّقَهُمْ فَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا يُفْسِدُ الشَّهَادَةَ رَدَّهَا وَإِنْ كَانَ لَا يُفْسِدُهَا لَا يَرُدَّهَا، وَإِنْ كَانَ يَتَّهِمُهُمْ فَالشَّهَادَةُ لَا تُرَدُّ بِمُجَرَّدِ التُّهْمَةِ فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا اتَّهَمْتُ الشُّهُودَ فَرَّقْتُ بَيْنَهُمْ وَلَا أَلْتَفِتُ إلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي لُبْسِ الثِّيَابِ وَعَدَدِ مَنْ كَانَ مَعَهُمْ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَلَا إلَى اخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ فِي الْأَقْوَالِ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْأَفْعَالِ فَالِاخْتِلَافُ فِي الْمَوَاضِعِ اخْتِلَافٌ فِي الشَّهَادَةِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا أَتَّهَمْتُهُمْ وَرَأَيْتُ الرِّيبَةَ فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ شُهُودُ الزُّورِ أُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ وَأَسْأَلُهُمْ عَنْ الْمَوَاضِعِ وَالثِّيَابِ وَمَنْ كَانَ مَعَهُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَهَذَا عِنْدِي اخْتِلَافٌ أُبْطِلُ بِهِ الشَّهَادَةَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ

<<  <  ج: ص:  >  >>