للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي كَانَ عَزَمَ عَلَيْهِ وَلَا يَرُدُّهَا إلَى أَنْ تَكُونَ زَوْجَتُهُ بِرَأْيٍ حَدَثَ مِنْ بَعْدُ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِخِلَافِ رَأْيِهِ الَّذِي عَزَمَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ يَرَى تَطْلِيقَةً رَجْعِيَّةً فَعَزَمَ عَلَى أَنَّهَا امْرَأَتُهُ ثُمَّ رَأَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ لَمْ تُحَرَّمْ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ لَمْ يَعْزِمْ ذَلِكَ وَلَمْ يُمْضِ رَأْيَهُ حَتَّى رَآهَا ثَلَاثًا لَمْ يَسَعْهُ الْمُقَامُ مَعَهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ يَرَى أَنَّهَا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُمْضِ رَأْيَهُ حَتَّى رَآهَا وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً بَعْدَ ذَلِكَ فَأَمْضَى رَأْيَهُ فِيهَا وَجَعَلَهَا وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً وَسِعَهُ ذَلِكَ وَلَا يُحَرِّمُهَا رَأْيٌ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَفِي أَوَّلِ الْمُنْتَقَى لَوْ أَنَّ فَقِيهًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ وَيَرَى أَنَّهَا وَاحِدَةٌ يَمْلِكُ الرَّجْعِيَّةَ وَعَزَمَ عَلَى أَنَّهَا امْرَأَتُهُ فَرَاجَعَهَا ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَةٍ أُخْرَى لَهُ: أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ، وَهُوَ يَرَى يَوْمَ قَالَ ذَلِكَ أَنَّهَا ثَلَاثٌ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ الْأُخْرَى بِهَذَا الْقَوْلِ فَيَكُونُ لِلرَّجُلِ امْرَأَتَانِ قَدْ قَالَ لَهُمَا قَوْلًا وَاحِدًا تَحِلُّ إحْدَاهُمَا لَهُ وَتُحَرَّمُ الْأُخْرَى عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ الْمُبْتَلَى فَقِيهًا لَهُ رَأْيٌ فَاسْتَفْتَى فَقِيهًا آخَرَ فَأَفْتَاهُ بِخِلَافِ رَأْيِهِ يَعْمَلُ بِرَأْيِ نَفْسِهِ، وَإِذَا كَانَ الْمُبْتَلَى جَاهِلًا فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِفَتْوَى أَفْضَلِ الرِّجَالِ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الِاجْتِهَادِ لَهُ فَإِنْ أَفْتَاهُ مُفْتٍ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ وَهُوَ جَاهِلٌ وَقَضَى قَاضٍ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ بِخِلَافِ الْفَتْوَى، وَالْحَادِثَةُ مُجْتَهِدٌ فِيهَا إنْ كَانَ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ يَتْبَعُ رَأْيَ الْقَاضِي وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى فَتْوَى الْمُفْتِي، وَإِنْ كَانَ الْمُفْتِي أَعْلَمَ مِنْ الْقَاضِي فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ لَهُ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي مَرَّ ذِكْرُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُفْتِي فِي حَقِّ الْجَاهِلِ بِمَنْزِلَةِ رَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ فَصَارَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَيْنَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ.

وَفِي نَوَادِرِ دَاوُد بْنِ رَشِيدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ اُبْتُلِيَ بِنَازِلَةٍ فِي امْرَأَةٍ فَسَأَلَ عَنْهَا فَقِيهًا فَأَفْتَاهُ بِأَمْرٍ مِنْ تَحْرِيمٍ أَوْ تَحْلِيلٍ فَعَزَمَ عَلَيْهِ وَأَمْضَاهُ ثُمَّ أَفْتَاهُ ذَلِكَ الْفَقِيهُ بِعَيْنِهِ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ فِي امْرَأَةٍ أُخْرَى لَهُ فِي عَيْنِ تِلْكَ النَّازِلَةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَأَخَذَ بِهِ وَعَزَمَ عَلَيْهِ وَسِعَهُ الْأَمْرَانِ جَمِيعًا، وَلَوْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ سَأَلَ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ عَنْ نَازِلَةٍ فَأَفْتَاهُ بِحَلَالٍ أَوْ بِحَرَامٍ فَلَمْ يَعْزِمْ عَلَى ذَلِكَ فِي زَوْجَتِهِ حَتَّى سَأَلَ فَقِيهًا آخَرَ فَأَفْتَى بِخِلَافِ مَا أَفْتَى بِهِ الْأَوَّلُ فَأَمْضَاهُ عَلَى زَوْجَتِهِ وَتَرَكَ فَتْوَى الْأَوَّلِ وَسِعَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ أَمْضَى قَوْلَ الْأَوَّلِ فِي زَوْجَتِهِ وَعَزَمَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ ثُمَّ أَفْتَاهُ فَقِيهٌ آخَرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَدَعَ مَا عَزَمَ عَلَيْهِ وَيَأْخُذَ بِفَتْوَى الْآخَرِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَوْلُنَا وَفِي الْقُدُورِيِّ: إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّجُلُ الْمُبْتَلَى بِالْحَادِثَةِ فَقِيهًا وَاسْتَفْتَى إنْسَانًا وَأَفْتَاهُ بِحَلَالٍ أَوْ بِحَرَامٍ فَإِنْ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَفْتَاهُ غَيْرُهُ بِخِلَافِهِ فَأَخَذَ بِقَوْلِ الثَّانِي وَأَمْضَاهُ فِي مَنْكُوحَتِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ مَا أَمْضَاهُ فِيهِ وَيَرْجِعَ إلَى مَا أَفْتَاهُ بِهِ الْأَوَّلُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ بِطَلَاقِ كُلِّ امْرَأَةٍ وَيَسْتَفْتِي فَقِيهًا عَدْلًا مِنْ أَهْلِ الْفَتْوَى وَأَفْتَاهُ بِبُطْلَانِ الْيَمِينِ وَسِعَ اتِّبَاعَ فَتْوَاهُ وَإِمْسَاكَ الْمَرْأَةِ وَفِي النَّوَازِلِ إذَا اسْتَفْتَى فَقِيهًا فَأَفْتَاهُ بِبُطْلَانِ الْيَمِينِ فَتَزَوَّجَ

<<  <  ج: ص:  >  >>