للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاسِ يَصِحُّ هَذَا الضَّمَانُ، ثُمَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَفْسِيرِ ضَمَانِ الْخَلَاصِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ اخْتِيَارُ صَاحِبِ الْأَقْضِيَةِ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَتَفْسِيرُ ضَمَانِ الْخَلَاصِ وَالْعُهْدَةِ وَالدَّرْكِ وَاحِدٌ وَهُوَ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَفْسِيرُ ضَمَانِ الْخَلَاصِ مَا ذَكَرْنَا وَتَفْسِيرُ ضَمَانِ الدَّرْكِ مَا قَالَا وَتَفْسِيرُ ضَمَانِ الْعُهْدَةِ ضَمَانُ الصَّكِّ الْقَدِيمِ الَّذِي عِنْدَ الْبَائِعِ، ثُمَّ عِنْدَهُمَا تَفْسِيرُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إذَا كَانَ وَاحِدًا وَهُوَ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ كَانَ هَذَا الضَّمَانُ صَحِيحًا، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الضَّامِنِ فَمَتَى قَضَى قَاضٍ بِصِحَّةِ هَذَا الضَّمَانِ وَأَثْبَتَ لِلْمُشْتَرِي حَقَّ الْخُصُومَةِ مَعَ الْكَفِيلِ يَنْفُذُ هَذَا الْقَضَاءُ فَإِذَا رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ لَا يُبْطِلُهُ فَأَمَّا إذَا ضَمِنَ تَسْلِيمَ الدَّارِ إلَى الْمُشْتَرِي فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ فَلَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ؛ لِمَا ذَكَرْنَا.

وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةَ رَجُلٍ أَوْ ابْنَتَهُ عَفَتْ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَأَبْطَلَ ذَلِكَ قَاضٍ لِمَا أَنَّ مِنْ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَا عَفْوَ لِلنِّسَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُنَّ فِي الْقِصَاصِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَقَضَى بِالْقَوَدِ لِلرَّجُلِ، فَقَبْلَ أَنْ يُقَادَ الرَّجُلُ رُفِعَ إلَى قَاضٍ يَرَى عَفْوَ النِّسَاءِ صَحِيحًا فَالْقَاضِي يُنْفِذُ ذَلِكَ الْعَفْوَ وَيُبْطِلُ الْقَضَاءَ بِالْقَوَدِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ قَدْ قَتَلَ نَفَذَ، فَالْقَاضِي الثَّانِي لَا يَتَعَرَّضُ بِشَيْءٍ، هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ وَصَاحِبُ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِالْقِصَاصِ عَالِمًا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَفِي الْفَتَاوَى وَالْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَضَى بِجَوَازِ بَيْعِ الْمَرْهُونِ وَالْمُسْتَأْجَرِ يَنْفُذُ.

وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةُ زُورٍ أَنَّ أَمَتَهُ ابْنَتُهُ وَقُضِيَ بِذَلِكَ فَإِنَّهَا ابْنَتُهُ فِي الْحُكْمِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مِيرَاثِهَا شَيْئًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْكُلَ مِيرَاثَهَا وَإِذَا قُضِيَ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فِيمَا دُونَ مَسِيرَةِ سَفَرٍ نَفَذَ قَضَاؤُهُ، وَإِذَا قَضَى بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ عَلَى خَطِّ ابْنِهِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، وَإِذَا قُضِيَ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ عَلَى وَصِيَّةٍ مَخْتُومَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ قُرِئَ عَلَيْهِمْ أَمْضَاهُ الْآخَرُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَضَى بِمَا فِي دِيوَانِهِ وَقَدْ نَسِيَ أَوْ قَضَى بِشَهَادَةِ شُهُودٍ عَلَى صَكٍّ لَا يَذْكُرُونَ مَا فِيهِ إلَّا أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ خُطُوطَهُمْ وَخَاتَمَهُمْ أَمْضَاهُ الْآخَرُ وَلَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي لِلْأَوَّلِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَنْ لَا يَأْكُلَ لَحْمًا فَأَكَلَ سَمَكًا، فَرَافَعَتْ الْمَرْأَةُ إلَى الْقَاضِي فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ رُفِعَ ذَلِكَ إلَى قَاضٍ آخَرَ لَا يَرَى السَّمَكَ لَحْمًا فَإِنَّ الثَّانِيَ يُمْضِي قَضَاءَ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

فَإِذَا قَالَ الْغَرِيمُ لِلطَّالِبِ: إنْ لَمْ أَقْضِكَ مَالَكَ الْيَوْمَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَتَوَارَى الطَّالِبُ وَخَشِيَ الْغَرِيمُ أَنْ لَا يَظْهَرَ الْيَوْمَ فَيَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ فَأَخْبَرَ الْقَاضِيَ بِالْقِصَّةِ فَنَصَبَ الْقَاضِي عَنْ الْغَائِبِ وَكِيلًا وَأَمَرَ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الْمَالِ مِنْ الْمَطْلُوبِ حَتَّى يَبْرَأَ بِقَبْضِ الْمَالِ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ آخَرُ فَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: لَا يَجُوزُ، كَذَا ذُكِرَ فِي الْأَقْضِيَةِ وَهَذَا قَوْلُهُمْ وَإِنْ خُصَّ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

<<  <  ج: ص:  >  >>